ماذا لو اضطررت لكتابة اسم طفلك على يده كي تعرف هويته إن تلاشى كل شيء سوى كفه؟
ماذا لو نام طفل واستيقظ في عالم آخر لا يعرفه لأنه ببساطة رحل عن هذه الحياة؟
ماذا لو ظللت تصرخ وتعلي صوتك بكل عزة وكرامة لكن اكتشفت أن من حولك صم يظنونك تضحك ؟
ماذا لو شاهدت مسلسل “الموتى السائرون” وشعرت أنك تعرف هؤلاء” الزومبي” الذين يقتاتون من لحوم البشر؟
ماذا لو ظللت تقاوم سارقا نهب حقك لكن أحدا لا يلتفت لوجعك بل يلتفتون لطريقة محاولتك استعادة ما هو لك؟
ماذا لو كتب طفل وصيته ووزع حاجياته وألعابه لكنه أكد على ضرورة غسيل ثيابه قبل التبرع بها، ليكون الشهيد التالي؟
ماذا لو شعرت فجأة أنك غير قادر على الضحك وكأنه فعل خيانة، غير قادر على ضم طفلك لأن أرواح أطفال قتلوا بدم بارد تتقافز في ذاكرتك وصور جثثهم الملطخة بالدماء تكاد تجعلك لا ترى صورا غيرها؟
ماذا لو شعرت بالوجع وأنت تطعم طفلك أو تحممه أو تشتري له لعبة جديدة أو تقبله لأنك تذكرت أطفالا فقدوا كل عوائلهم وليس آباءهم وأمهاتهم فقط، ولم يعد لديهم من يحضنهم أو يتحدث إليهم أو ينظر لانكسارهم فيصلحه؟
ماذا لو مررت بصورة وسمعت الصراخ منها برغم كونها صامتة لكن صوت الصبي فيها مايزال يتردد في أذنك: يا الله يا الله يا الله!
ماذا لو شربت الماء وغصصت به لأنك تذكرت صورة طفل يجمع ماء المطر بعد أن كان يجمع ماء منسكبا في الشوارع ليروي ظمأه وظمأ أهله؟
ماذا لو هربت لسريرك لكنك تخيلت طفلا يحاول ترميم خيمة متآكلة تكالب عليها المطر فعزّ على قاطنيها النوم والجلوس بأمان؟
ماذا لو شاهدت طفلا يبكي أخاه بعد استشهاده لكنك فوجئت بعد أيام بكونه الخبر في قصف جديد ؟
ماذا لو تمنيت أن تكون في كابوس لأن الواقع أبشع من كل الكوابيس وأفلام الرعب والدراما؟
ماذا لو شعرت بغصة لا تتلاشى، تخرس صوتك وتكتم أنفاسك لكنك مضطر للاستمرار في وقوفك في ذات الموقف وذات المكان لأنك أصبت بالشلل تجاه كل هذا الوجع الذي تعيشه بقعة صغيرة تكالبت عليها الدول؟
ماذا لو كان كل ما ذكر أعلاه حقيقيا وعشته كما عاشه غيرك لأن غزة تقصف وتعاني ويستشهد أطفالها في كل دقيقة كما يفعل آباؤهم وذويهم في ظل صمت رسمي عالمي وشجب لا يسمن ولا يغني من جوع ولا يروي عطش بعد أن عز الماء فيها ونفد الطعام واختفى كل الأمان، بل وقصفت كل الأماكن لتبقى ذكريات مشوشة تحملها أرواح مهشمة وقلوب نازفة لكن بإرادة متقدة؟