الرئيس الأفاك

0
16

في اللغة، الأفاك من الإفك وهو الكذب. والأفاك صيغة مبالغة من أفّاك. يقال فلان أفاك، أي كثير الكذب. وفي القرآن الكريم ورد في سورة الشعراء الآية 222 إلى أن الشياطين، “تنزل على كل أفاكٍ أثيم”. وفي السياسة ما أكثر الأفاكين!

المتابع لتصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن منذ بداية الحرب على غزة وما فعلته آلة الحرب الإسرائيلية الوحشية والمدمرة بحق البشر والشجر والحجر، لا يجدها فقط منحازة بالكامل لصالح الكيان الصهيوني، بل أيضًا مليئة بالكذب والتزييف للحقائق.

بعد عملية (طوفان الأقصى) مباشرة أطلق جو بايدن تصريحه المثير للصحافة الأمريكية والعالمية في لقاء جمعه مع نتنياهو، حيث قال: “أنه شاهد صورًا مؤكدة لمن وصفهم (بإرهابيين)يقطعون رؤوس الأطفال في إسرائيل”.

وقد تراجع البيت الأبيض فيما بعد عن صحة هذه التصريحات، إذ قال مسؤولان بالبيت الأبيض إن الرئيس الأميركي لم ير صورًا أو تقارير مؤكدة عن “إرهابيين يقطعون رؤوس أطفال” في إسرائيل، وذكرا أن تصريح بايدن بهذا الخصوص استند إلى مزاعم مسؤولين إسرائيليين.

الكذبة الأخرى التي أطلقها الرئيس الأمريكي ترويجهِ لمزاعم وافتراءات الإسرائيليين باستعمال حركة حماس المدنيين كدروع بشرية، فضلا عن الإساءة إليهم وتعذيبهم. وكل هذه الاتهامات الباطلة من أجل قلب الحقيقة والواقع بجعل الجلاد هو الضحية، والمجرم هو البريء.

والحقيقة أن السردية الإسرائيلية مطعون في مصداقيتها ومشكوك في صحتها منذ بداية هذه الحرب الشعواء، غير أنها تعرّت بشكل كبير في الأيام الأخيرة نتيجة تلاحق التحقيقات والمؤشرات التي وضعت فوق الطاولة قرائن وأدلة تثبت كذب الاحتلال ومحاولة تزييفه للحقائق.

وأكاذيب إسرائيل المرتكزة أساسًا على دعم كلي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، بدأت منذ الوهلة الأولى للحرب الجارية، حيث ادّعت قطع رؤوس أطفال من قبل مقاومي حماس، وهو نفس الأمر الذي ينطبق على افتراءات قيام المقاومين باغتصاب بعض الفتيات والنساء الإسرائيليات أثناء اجتياح 7 أكتوبر، والتي لا تزال تروّج لها عبر شاشات التلفزيون وصفحات الجرائد وشبكات التواصل الاجتماعي.

والغريب العجيب في أمر المجتمع الدولي هو ذلك الإصرار على الصمت أو الانحياز غير المبرّر للاحتلال الإسرائيلي، رغم أن أكاذيبه تنكشف بسرعة وتسقط في الماء، وفضائحه تتواصل وتتفاقم مع مرور الأيام، حيث لم ينجح الجيش الصهيوني في تقديم دليل واحد وبيّنة واضحة عن مزاعمه حول استعمال المقاومة للمستشفيات كمواقع عسكرية، ومراكز لاختبائها، حتى بعد اقتحام جنود الاحتلال لجل مستشفيات الشمال، وعلى رأسها مجمع الشفاء، وتفريغها من نزلائها من المرضى والنازحين منذ عدة أيام مضت، الأمر الذي أفضى إلى واقع كارثي، بسبب خروج جل المستشفيات عن الخدمة بشكل كامل، والعالم يتفرج دون أن يحرك ساكنا.

لم يخجل الرئيس الأفاك بالتغاضي عن كل جرائم الإسرائيليين بقتلهم للأطفال والنساء، وتدميرهم لمراكز الإيواء والمدارس  والمستشفيات، بل هو والعديد من رؤساء دول الغرب الأوربي اعتبروها دفاعًا مشروعًا عن أمن إسرائيل و “إرهاب حركة حماس”.

تشير استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة الأمريكية إلى تراجع شعبية جو بايدين  لعدة أسباب، من بينها وأهمها موقفه وسلوكه الأخير من الحرب على غزة. وينسحب الأمر ذاته على  رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، فهل ستطيح الحرب في غزة بأحلام بايدن بالفوز في الانتخابات القادمة، وبعدم استمرار نتنياهو في منصبه؟ هذا ما ستكشفه حتماً الأيام والأشهر القادمة.