ذكرى تأسيس “جتوب” التاسعة والستون
في الخامس عشر من فبراير الجاري تحلّ علينا الذكرى ال 69 لتأسيس جبهة التحرير الوطني (جتوب)، التي تأسَّست عام 1955، وهي مناسبة لنستذكر الروَّاد الأوائل المؤَسِّسين الذين وضعوا الأساس السياسي والفكري لبناءِ حزبٍ من طرازٍ جديدٍ في البحرين والخليج العربي، حزب ماركسي لينيني، ملتزم بأفكار الطبقة العاملة والكادحين.
في ظروف صعبة كانت تمرُّ بها بلادنا جاءت ولادة ذلك الحزب، حيث كانت الجماهير الشعبية تخوض معركة الحرية والاستقلال الوطني ضد المستعمر البريطاني والرجعية في أعوام 1956/1954، بقيادة هيئة الاتحاد الوطني التي قُمِعَت من قبل سلطات الاستعمار البريطاني والرجعية وتمَّ اعتقال ونفي قيادات وكوادر الهيئة إلى المنافي القريبة والبعيدة، وبدأت مسيرة النضال الوطني بقيادة التنظيمات والأحزاب الوطنية السرية وكانت “جتوب” أولها، فالخلية الأولى توسعت وأصبحت خلايا في مواقع العمل (شركة بابكو، وشركة اكمي)، وفي الأحياء الشعبية وفي صفوف طلبة المدارس.
عقدت الجبهة الكونفرس الأول لها في عام 1958، وتطوَّر عملها التنظيمي في داخل الوطن وخارجه، حيث نسجت العلاقات الرفاقية مع الأحزاب الشيوعية والعمالية والتقدمية في الخارج، وأصدرت برنامجها السياسي في عام 1962، الذي حمل أهداف الحرية والاستقلال الوطني، التقدم الاجتماعي، السلم، خروج الاستعمار البريطاني من بلادنا، وحق شعبنا في تقرير المصير بإقامة النظام الوطني الديمقراطي. وكانت النشرة المركزية لجتوب (الجماهير) تُوزع في مواقع العمل والأحياء الفقيرة والمدارس، فهي صوت العمال والفقراء والكادحين.
برز دور “جتوب” في انتفاضة مارس 1965 المجيدة جنباً إلى جنب مع أطراف وتيارات الحركة الوطنية في البحري، وكذلك دورها في الاحتجاجات والتظاهرات العمالية والطلابية في نهاية ستينيات وبداية سبعينيات القرن الماضي، والنشاط الأبرز لها إبَّان التجربة البرلمانية الاولى (1973 – 1975)، وتشكيلها “كتلة الشعب”، التي فازت بثمانية مقاعد في المجلس الوطني من أصل اثني عشر مرشحاً للكتلة.
بالرغم من الصعوبات والتحديات الكبرى التي واجهت الجبهة طوال تاريخها، وما قدّمه مناضلوها من تضحيات، برز دورها ودور منظماتها الجماهيرية مثل اللجان العمالية واتحاد الشباب الديمقراطي البحراني “أشدب”، في بداية ثمانينيات القرن الماضي، ما عرَّضها إلى ضربةٍ بوليسية موجعةٍ في صيف عام 1986 بقيادة المقبور آيان هندرسون، ورغم ذلك لم تسقط راية “جتوب”، وواصلت نشاطها متحدية الظروف الصعبة التي مرَّت بها، لأن جذورها ضاربة في تراب الوطن وراسخة في وجدان الشعب.