قطع الدومينو

0
10

أن تشتكي المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من سوء الأحوال الاقتصادية في البلد أمر تعوّدنا على سماعه رغم مرارته، وقبله كانت نداءات المؤسسات متناهية الصغر والمشاريع الصغيرة والأسر المنتجة التي نازعت انتشالها وإعادتها للحياة لكن دون جدوى، جنباً إلى ذلك فإن محلات تجارية في كبرى المجمعات والأسواق تعتزل السوق وبات ذلك مشهداً مألوفاً. لكن أن تصل نداءات أباطرة الشركات في قطاع حيوي وهام كالمقاولات والانشاءات للإعلام ويتم التصريح علانية بأن كبار السوق يعانون من الأوضاع القائمة وما آلت إليه مصائرهم، فهذه تعبر سابقة ممن لم نتعود على سماع شكواهم.

لسنوات طويلة كانت طبيعة العلاقة بين الدولة والتجّار قائمة على النفعية وتبادل مصالح مشتركة وهي حالة خليجية إلى حدٍ ما، بصرف النظر عما تعكسه تلك العلاقة على المواطن وهو الحلقة الأضعف، مما أدى لإيجاد نواة القطاع الخاص وما رافق ذلك من عيوب واختلالات في سوق العمل وزجّ للعمالة الأجنبية قبال التنازل عن العمالة الوطنية.

جانب من شكوى كبار السوق حسبما جاء في مقابلة أحدهم، هو تفضيل الحكومة للمستثمر الأجنبي على نظيره البحريني، وهي الشكوى ذاتها التي عبر عنها المختصون والمهتمون والعاملون في إصلاح ومراقبة سوق العمل، حيث كانت بدايات تلك الظاهرة تعود إلى الطفرة النفطية وما أعقبها من انفجار للمشاريع والمال، زادت من غناهم غنى وأبعدت المواطن شيئاً فشيئاً عن التوزيع العادل للثروة.

أزمة الشركات الكبرى حالياً، هي ناقوس خطر يتحسسها المواطن بقلق ربما أكثر مما تلاحظه الدولة، لأنه وبكل بساطة قطعة الدومينو الأولى التي ستسقط في هذه المعادلة التي ليس للمواطن فيها ناقة ولا جمل، ولكن تبعات ذلك عليه أشدّ تأثيراً مما هي على الشركات نفسها أو على الحكومة من جهة أخرى، فتراه مضطراً ينادى بدعم تلك الشركات والمؤسسات الكبرى حتى لا تسقط ورقة التوت وتعري ما بات مكشوفاً من معاناة المواطن وتردي حالته الاقتصادية التي لا تخفى على أحد وتتجدد مظاهرها مع اقتراب كل مناسبة، ولعلّ هذه الأزمة تكون عبرة لتلك الشركات التي ذاقت من ذات الكأس التي يتجرعها الباحث عن العمل حينما يتم توظيف الأجنبي بدلاً عنه رغم الكفاءة والقدرة والمكانة العلمية.