صدر قرار تقسيم فلسطين التاريخية رقم 181 من الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة تمَّ بتاريخ 29 نوفمبر 1947، وبإنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وتقسيم أراضيها إلى ثلاثة كيانات: دولة عربية، ودولة يهودية، القدس وبيت لحم والأراضي المجاورة تحت وصاية دولية، حسب القرار الدولي، وبالرغم من صدور هذا القرار الظالم الذي قسَّم فلسطين التاريخية، منذ ذلك التاريخ المشؤوم فإن الدولة الفلسطينية الوطنية المستقلة لم تقم. في البداية تمَّ رفض القرار من قبل الدول العربية وخاضت حرباً مع العصابات الصهيونية وبالأخص بعد قيام الكيان الصهيونى في الخامس عشر من مايو 1948 في أرض فلسطين التاريخية، فيما عجزت هيئة الأمم المتحدة عن تنفيذ القرار وإجبار الكيان الصهيوني على الإلتزام به.
كانت هذه بداية رفض القرارات الدولية من قبل مجلس الأمن الدولي بدعم وتأييد الولايات المتحدة الأمريكية وباستخدام حق النقض “الفيتو” لإجهاض أي قرار يصدر ضد “إسرائيل”، ولهذا نجدها تعربد وتعتدي ليس على الشعب الفلسطيني بل على الدول المجاورة، وهي تعرف مسبقاً بأن القرارات الدولية لن تفرض عليها من خلال الفيتو الأمريكي، فاستمرت طوال تلك العقود تمارس سياسة العدوان والقتل والاعتقال والتهجير وتهويد الأراضي الفلسطينية وتخوض الحروب بدعم ومساندة الإمبريالية الأمريكية وحلفائها الغربيين .
تاريخُ الكيان الصهيوني حافلٌ بالجرائم والمجازر، ونذكر هنا بعض الحروب التي قامت بها، ففي عام 1956 تمّ العدوان الثلاثي:الإسرائيلي، البريطاني، الفرنسي على مصر، حرب يونيو عام 1967 على مصر وسوريا، حرب أكتوبرعام 1973 على مصر وسوريا، اجتياح لبنان واحتلال بيروت عام1982، وخروج منظمة التحريرالفلسطينية من بيروت فيما بعد، مجزرة صبرا وشاتيلا، والعدوان على جنوب لبنان عام 1982، وفي سبتمبر من نفس العام الإعلان عن قيام جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، ومقاومة المحتلين الصهاينة، وبعدها تأسَّس حزب الله وأسَّس المقاومة الإسلامية حتى تمَّ تحرير لبنان في مايو من عام 2002، ولكن الاعتداءات الصهيونية على الفلسطينيين ولبنان لم تتوقف، فكان عدوان تموز عام 2006، وبعد عامين (في العام 2008) العدوان على غزّة، وتكررت اعتداءات العدو وحروبه على الشعب الفلسطيني في غزّة حتى طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر عام 2023، ولازالت الإبادة الجماعية مستمرة
من قبل الكيان الصهيوني وبدعم واضح من الإمبريالية الأمريكية وحلفائها الغربيين وبصمت وتخاذل النظام الرسمي العربي، رغم أن الشعوب العربية والإسلامية تعلن عن التضامن مع الشعب الفلسطيني حسب المتاح والمسموح القيام به من أنشطة وفعاليات وبيانات تضامنية.
عودة لصدور القرار رقم 242 عن مجلس الأمن الدولي التابع لهيئة الأمم المتحدة في 22 نوفمبر 1967، بعد هزيمة الجيوش العربية من قِبل الكيان الصهيوني، واحتلال أراضٍ جديدة في فلسطين ومصر وسوريا، والذي طالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي المحتلة، التي لم تنسحب منها عدا سيناء بعد توقيع السادات مع الكيان اتفاقية “كامب ديفيد” في 17 سبتمبر من عام 1978، والتي عرفت بمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، فيما استمرت إسرائيل في استقطاع المزيد من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وبناء المستوطنات الصهيونية، وازداد ذلك بعد توقيع انفاقية أوسلو في سبتمبر من عام 1993 لتقضيَ على الحلم الفلسطيني في قيام الدولة الفلسطينية الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس، وهو الحلم الذي من أجل تحقيقه أجيال عديدة من الفلسطينيين.
هيئة الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي برمته لم ينصف الشعب الفلسطيني، كشعب من حقه أن يعيش على أرضه حاله كسائر الشعوب في العالم ويؤسَّس دولته ذات السيادة الوطنية، ولم تمارس الأمم المتحدة أي ضغوطات على الكيان الصهيوني من أجل الالتزام بالقرارات الدولية طوال ست وسبعين سنة، ويتصرف وكأنه غير معني بأي قرارات صادرة عن الأمم المتحدة، وتقف معه الإمبريالية الأمريكية تحميه وتدافع عنه، رغم معرفتها بأنه ينتهك حقوق الإنسان ويمارس سياسة الفصل العنصري في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وما يجري في غزّة دليل واضح على فاشيته ودمويته بقتل الآلاف من الفلسطينيين، وبينهم الأطفال والنساء والشيوخ وتدمير غزّة بالكامل، وتقف ضد إدانته أو وقف إطلاق النار في غزة فهي شريك في قتل الفلسطينيين، وكذلك مايقوم به من قتل واعتقال في مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية ضد الفلسطينيين ، ولا يهاب من أي قوة في العالم تدين أفعاله الإجرامية والفاشية .
وأخيراً استخدمت واشنطن حق النقض “الفيتو” لصالح الكيان الصهيوني بتاريخ 18 إبريل 2024 في عدم قبول فلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، بالرغم من تصويت 12 دولة من أصل 15 عضوة في مجلس الأمن الدولي لصالح الاقتراح، وامتناع فرنسا وبريطانيا، فالرهان على الأمريكيين من قبل السلطة الفلسطينية أو الدول العربية والإسلامية، لإيجاد تسوية سياسة للقضية الفلسطينية رهان خاسر في الحاضر والمستقبل.
ولن يكون هناك سلام واستقرار في المنطقة بدون الإقرار بحق الشعب الفلسطيني في نيله حريته، وقيام دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس، ومن أجل ذلك فإن الوحدة الوطنية للفصائل والأحزاب الفلسطينية في غاية الأهمية وهي التي سوف تفشل المخططات والمشاريع الصهيونية والأمريكية وتسرِّع من تحقيق حلمه في دولته ذات السيادة الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس، فالشعب الفلسطيني وحده له الحق في تحديد خياراته السياسية والمستقبلية بما فيها دولته الوطنية.