وداعا مينوتي

0
18

 كان وداعه مؤثرا ذلك الإنسان الذي سبح طويلاً في عالم كرة القدم وعمل بين الشباب كمعلم لفنون كرة القدم وناشراً لفكر الطبقة العاملة ففي يوم 5 مايو الماضي ودعنا إلى الأبد بعد أن ملأ الدنيا إنجازات كروية وحزبية إنه ملك الإقناع الأيديلوجي والناشط السياسي العضو البارز في الحزب الشيوعي الأرجنتيني ( سيزار لويس مينوتي ) الشيوعي الأرجنتيني الذي تشرب مبادئ الماركسية طوال شبابه ونشرها بين كل رفاقة وزملائه وتلاميذه الذين دربهم في كل الاندية الأرجنتينية والإسبانية والإيطالية.

إنه إبن مدينة (روزاريو ) الأرجنتينية الصناعية حيث شاهد وعاش الظلم الذي تعرضت له الطبقة العاملة ولعب في شبابه لنادي الكادحين  (بوكو جونيور ) وهو نفس النادي الذي لعب له ( الساحر مارادونا )  الذي قدمه مينوتي  للعالم في كاس العالم 82 – المثير في حياة هذا المربي الأحمر و تطلق عليه  الجماهير لقب   (سيتو النحيل) إذ كان فارع الطول ونحيلاً ووسيما هادئ الطباع تستعين به القنوات التلفزيونية والصحف   لخبرته في التحليلات  الفنية مستخدما أسلوب ( الثقافية الوطنية ) في المباريات العالمية والمحلية وشؤون ومشاكل اتحادات الكرة والنوادي الأرجنتينية وهكذا فقد أحب الناس والمتابعين تحليلاته لأنها كانت  مميزة تستعير مفاهيم فكرية  وفنية وطنية ساعده في ذلك إضطلاعه السياسي على مؤلفات و كتابات المثقفين الوطنين اليسارين أمثال ( إرنستو ساباتو )  والكلومبي (غابرييل ماركيز ) و فن وموسيقى ( المغني خوان سيرات ).

أمر آخر ملفت للنظر حدث بسبب نشاطه السياسي ومر به حين كان يدرب منتخب المكسيك فقد جاءته رسالة رسمية من إدارة الاتحاد المكسيكي تذكر ما معناه ( نرجوا أن تركز على فنون الكرة وتطوير فريق منتخبنا وليس على التثقيف السياسي لأفراد الفريق فهذا العمل ليس من شروط العقد ) !!!

لقد كان اسلوب مينوتي الدائم في التدريب هو التثقيف الذاتي السياسي والأيديلوجي وليس فقط التطوير الفني مما خلق له صعوبات إدارية وأخرى أمنية إنسحبت على عقوده مع عدد من الفرق التي أبعدته بسبب نشاطه السياسي . وصفه رئيس الارجنتين الحالي بأنه ( منح واحدة من أكبر المتع للناس حين فاز بكأس العالم 78) وحسب التحليلات السياسية والفنية عنه – إتهمه اليمين بأن النظام العسكري الفاشي الذي  كان يحكم الأرجنتين في سنة 1978 أعطاه مميزات خاصة وأبقى علي وظيفته ولم يعتقله بالرغم من إنتمائه العلني للحزب الشيوعي الأرجنتيني ورد عليهم اليسار بأن موهبة ( مينوتي ) الفذة وثقة العسكرين بإمكانيته الفوز بكأس العالم من أجل أن يدخل الشعب في فرحة نادرة كانت ستزيد من عمر وشعبية النظام العسكري الإرهابي و نجاح مينوتي في المهمة ( هو الذي أنقذه  من السجن وحبل المشنقة ) ! .

أما النقد الآخر فقد جاء من الساحر ( مارادونا ) متهما ( مينوتي ) بحرمانه من اللعب في كأس 78 بالرغم من موهبته الفذة ورد ( مينوتي ) بأن سبب الحرمان كان صغر سن مارادونا فقد كان بعمر 15 سنة وجسمه كان ضئيلا فكيف كان سيستطيع أن يلعب ضد  الكبار بدون يحطموا أطرافه وتنتهي حياته المهنية .

كما نعاه العالم كله نعاه أيضا رفاقه الشيوعين و كل قوى اليسار في كل مكان فهو الرمز الذي مزج بين الرياضة والأخلاق االرفيعة وقضايا الإنسانية  في العالم .