أي دعوة للإصلاح تتمثل في وضع تصور جاد لمفهوم كيفية الشروع لهذه الدعوة. وبهذا الصدد نحتاج إلى عصرنة نرتفع فيها نحو جوهرية قيم أخلاقية واستراتيجية طبيعية تدلنا على المفاهيم الاجتماعية.
من يسعى للتطور والتقدم ولحياة حرة كريمة عليه التأمل في واقع يرسم فيه خارطة مبرمجة لوضع كسيح متخلف في حاجة إلى وعي وتنوير لإخراجه من هذا الكساح المؤلم، فقد وضعت أسس تمثلت في المشروع الإصلاحي لجلالة الملك وللميثاق الوطني الذي بصم عليه الشعب، لكن للأسف تلاعب فيها المفسدون وحرفوا أسسها وبنودها لتكون أداة طيعة لخدمة تجارتهم وخدمة مصالحهم الأنانية التي لم يتورعون فيها لخدمة وطن ولا مواطن.
إن الدعوات الصادقة تعني نقد المفاهيم الخاطئة أولاً لمسيرة نهج متأزم للإصلاح قبل كل شيء، أي النضال في سبيل وضع منهجية مبرمجة تقوم على إصلاح الاعوجاج قبل الشروع في الدعوة ذاتها، فقد تكون الدعوة حمالة أوجه بحجة الإصلاح.
إن خطط الإصلاح موجودة على الواقع تنتظر تفعيلها وبصورة ناجحة فهناك دور رقابي، فإين هذا الدور، هل تحالف مع مفسدي الإصلاح؟ ام تقاعس وخبى دوره؟ أم أن التسييس والطأفنة لدورها نصيب الأسد؟
أن بقاء الفاسدين في مناصبهم ناتج من عدم تدوير المناصب، مما يعزز تعشيش وتوريث الفساد، حيث يبدأ هذا الفساد من قمة الإدارة كونها هي من يحل ويربط وهي الآمر والناهي.
في إرادة حل المشاكل نحتاج إلى منهجية في التغيير نحو الأفضلية ومحاسبة القصور والمقصرين، علينا أن نبحث عن مصدره ومكانته وحجم نفوذه. فمن الواضح لنا قبح الفساد وظل المفسدون بفسادهم وبانت شخصياتهم وأشكالهم، فلا مجال للتنكر.
ونطقت الألسن بلا حياء ولا تأنيب ضمير، حيث تعرى كل مستور بعد أن عجزوا عن التبرير وأطلاق الحيل والأكاذيب بعد أن تمرغ وجه عمالقة الفساد (البرجوازية والإمبريالية)، عقد التحالف علينا نحن الفقراء، تحالفوا ضدنا كبارهم وصغارهم، تجمعهم المصالح، كشروا بأنيابهم دون خوف بعد أن أعطوا الضوء الأخضر لنهبنا علانية.
لكن اليوم بدأت تنهار خططهم، وبدأوا دفن رؤوسهم في الرمل مثل طير النعام وحينما يرفعونها يتباهون وكأنهم انتصروا.
إن مسألة الإصلاح يجب أن تتبناها جهات مسؤولة، حيث طرح عملي واضح ينقلنا بخطوات تتخذ فيها آليات حسب المرحلة، حيث تضع مراحل الانتقال من مرحلة إلى مرحلة أخرى، وذلك لكي يحقق مكاسب إيجابية ونتفادى السلبيات التي كانت من أهم العراقيل.
هناك الكثير من التصريحات عن الإنجازات لكن لا نرى (الا طحن بلا طحين)، هذا التنوع من الفساد المستمر منذ سنين يسيء للوطن.
لماذا لم تحاسب الفئة الضالة الانانية من المفسدين ولم يُقدموا إلى المحاكمة؟ نكرر ونؤكد على ضرورة التدوير تحاشيا للفساد المستشري في المناصب من حين إلى حين ومحاربة الشللية في المؤسسات، من المعيب أن نرى مسؤول يبقى سنين في منصبه يأمر وينهي لا رقيب يرقبه ولا حسيب يحاسبه، حيث يترتب على ذلك الكثير من السلبيات من محسوبية ورشوة دون رادعٍ.
حين ننتقد ليس من باب المبالغة أو نتصيد، ننتقد لنضع النقاط على الحروف، حباً في بناء وطن متحضر نحو آمال سعيدة.