عامٌ من الإبادة الجماعية في غزّة

0
120

في السابع من أكتوبر 2024 الحالي يمضي عامٌ على طوفان الأقصى في غزة، عندما قامت المقاومة الفلسطينية بفعل مقاوم في ذلك اليوم لفت إليه أنظار العالم أجمع، يعدُّ هذا  الحدث الأهم في تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة، من جديد برزت القضية الفلسطينية في وسائل الإعلام العالمية المتنوعة وأصبحت حديث الساعة، كل يوم تنقل أخبار غزة وفلسطين، فالقضية التي غُيبت أو يُراد لها أن تكون من الماضي، دون إيجاد حل لها، برزت من جديد .

 فالتسويات السياسية جميعها فشلت بما فيها اتفاقية أوسلو عام 1993،  فالتسوية الحقيقية التي يتطلب منها أولاً إزالة الاحتلال الصهيوني وقيام الدولة الوطنية الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وهو آخر احتلال أو استعمار في القرن الواحد والعشرين ولازال جاثماً  على رقاب الشعب الفلسطيني، يفعل ما يحلو له دون عقاب أو رادع ، ولا يلتزم بالقرارات الدولية الصادرة من مجلس الأمن الدولي التابع لهيئة الأمم المتحدة، ليس خلال هذا العام 2024، بل منذ تأسيسه في عام 1948، ستة وسبعون  عاماُ وهو يمارس أبشع الجرائم والمجازر الدموية بحق الشعب الفلسطيني.

 ولكن ما جرى على الشعب الفلسطيني في غزة منذ عامٍ فاق كل المجازر والمذابح التي قام بها الكيان الصهيوني في الماضي. لقد قتل وجرح أكثر من مائة وخمسين ألف فلسطيني، ودمَّر البنية التحتية، ولم يعد ثمة مكان آمن للعيش في غزة، نحن أمام مذبحة دموية يقتل فيها الإنسان وبدم بارد ويشاهد أحداثها الملايين من البشر بشكل يومي دون أن يفعلوا شيئاً، ولا يستطيعون وقف حمامات الدماء التي تسيل وبغزارة في غزة، والنازيون الصهاينة قادة الكيان وزعيمهم نتنياهو لا يريدون وقف إطلاق النار والاتفاق على هدنة في غزة، لكيلا يتنفس الصعداء الشعب الفلسطيني.

وما يجعلهم يواصلون المجازر الدموية التواطؤ الأمريكي الإمبريالي والأوروبي مع القتلة الصهاينة، والتخادل والصمت من قبل  قادة النظام الرسمي العربي، فيما الشعوب العربية مغلوبة على أمرها، ففي أغلبية البلدان العربية تمنع وتقمع التظاهرات والاحتجاجات الجماهيرية المؤيدة للشعب الفلسطيني.  قلة فقط من شعوبنا وبلداننا التي تتظاهر فيها الجماهير العربية وبشكل أسبوعي، بما في ذلك بلدنا البحرين تنظم المسيرات والاعتصامات أسبوعياً ولازالت مستمرة،

بالمقابل يخرج الآلاف في البلدان الأوروبية وأمريكا في التظاهرات دعماً لنضال الشعب الفلسطيني وضد الإبادة الجماعية التي تقوم بها قوات الاحتلال الصهيوني.

 من الأهمية التأكيد على الدعم والمساندة التي تقوم بها المقاومة في لبنان وتقدم تضحيات كبيرة، وتدفع الثمن غالياً حيث تمَّ اغتيال المئات من أعضائها بما فيها قادة وكوادر عسكرية بارزة في المقاومة من قبل قوات الاحتلال الصهيوني، ففي السابع عشر والثامن عشر، والتاسع  عشر والعشرين  من شهر سبتمبر الماضي ارتكب الكيان الصهيوني عملاً إرهابياً كبيراً عندما فجَّر أجهزة البيجر، وأجهزة الاتصال اللاسلكي، وقصف طيرانه الحربي بنايتَين في الضاحية الجنوبية من بيروت. لقد سقط، نتيجة كل ذلك،  المئات بين قتيل وجريح ، ولم تفعل القوى الدولية شيئاً يذكر، والنظام الرسمي العربي كعادته لزم الصمت، لأن بيانات الإدانة الصادرة عنه لا تقدم ولا تؤخر، في ظل تواطؤ دول عدة على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، وبعض الدول العربية مع الكيان الصهيوني، ولكن لو حدث ذلك أقل بكثير من هذا الفعل الإجرامي في أوكرانيا لقامت الدنيا ولم تقعد، وجرى تجيش دول العالم ضد روسيا وفرض مزيدٍ من العقوبات عليها. إنه  الكيل بمكيالين من قبل الإمبريالية الأمريكية وحلفائها،.

لم تكتفِ قوات الاحتلال الصهيوني بقتل الفلسطينيين في غزة وتدميرها ، ولكنها اليوم تجتاح المدن والقرى الفلسطينية في الضفة الغربية وتقتل المقاومين الشجعان الذين يتصدون لها بكل شجاعة وبطولة بالرغم من قلة الذخيرة وشحِّ الأسلحة التي لديهم. تدمر البيوت والشوارع في تلك المدن والقرى الفلسطينية، وتترك عصابات المستوطنين تعبث وتعتدي على الفلسطينيين بما في ذلك على بيوتهم و مزارعهم ، لم تتوقف تلك الاعتداءات الصهيونية، ولا تلزم القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن الدولي بما فيها الأخيرة التي تؤكد عدم شرعية الوجود للاحتلال الصهيوني وعليه الخروج من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولكنه لا يعير أي أهمية لها، فهو يخرق القوانين والتشريعات الدولية ويفعل ما يشاء ، طالما ظلت الولايات المتحدة الأمريكية تدافع عنه وتستخدم حق النقض “الفيتو” في مجلس الأمن الدولي، مما يشجعه على مواصلة قتل الفلسطينيين، فهو يعرف مسبقاً لا عقاب سيطاله. 

ليس أمام الشعب الفلسطيني البطل، بعد التجارب المرّة التي عاشها سوى النضال والمقاومة لاسترجاع حقوقه المشروعة ودحر الاحتلال الصهيوني وإقامة الدولة الوطنية الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وعلى الشعوب العربية وقواها السياسية وأحرار العالم مواصلة تقديم الدعم والمساندة لإنجاز مهتمه الوطنية في التحرر الوطني وإنهاء الاحتلال الصهيوني. 

أما الدول العربية المطبِّعة مع الكيان الصهيوني فعليها الإنصات لمواقف شعوبها الرافضة للتطبيع والتي تطالب بإغلاق السفارات وطرد السفراء من بلداننا، وعلى الدول العربية المجاورة لقطاع غزة فتح المعابر لتقديم المساعدات الإغاثية الطبية والغذائية، فهذا أقل شيء تستطيع تقديمه للشعب الفلسطيني في ظل هذا الإجرام  الصهيوني غير المسبوق في التاريخ المعاصر .

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا