ليس مؤكداً أنّ الهجوم العسكري الإسرائيلي، قبل أيام، على إيران، سيكون الأخير في فصول المواجهة بين البلدين، على خلفية العدوان الجاري على غزّة ولبنان، ويمكن أن تعقبه فصول أخرى من المواجهة، طالما لم يجر الوصول إلى وقف لإطلاق النار في غزّة وفي لبنان. ويمكن القول إنّ دول المنطقة، حكومات وشعوباً، عاشت حالاً من الترقب والقلق من أن تؤدي أيّ ضربة عسكرية إسرائيلية على إيران إلى اشعال حرب إقليمية واسعة النطاق، تّعرض دولنا إلى مخاطر جمّة، وأرسلت حكومات دول المنطقة رسائل إلى المعنيين بحرصها على ألا تكون أجواءها الإقليمية معبراً أو منطلقاً لأي عمل عسكري إسرائيلي ضد إيران.
من جهةٍ أخرى سارعت دول المنطقة إلى إصدار بيانات إدانة للإعتداء الإسرائيلي على إيران فور تنفيذه، حيث صدرت بيانات إدانة من وزارات الخارجية في المملكة العربية السعودية والبحرين وسلطنة عمان والكويت ودولة الإمارات وقطر، حثّت فيها جميع الأطراف على التحلي بأقصى درجات ضبط النفس وخفض التصعيد، داعية إلى التحرك الفاعل لوضع حدٍّ لهذه الانتهاكات السافرة على أراضي الجوار الإقليمي، وأشارت بعض الدول إلى أنّ الهجوم الإسرائيلي على طهران، انتهاك صارخ لسيادتها وخرق واضح لمبادئ القانون والأعراف الدولية، محذّرة من تداعياته الخطيرة على المدنيين الأبرياء، وتفاقم الوضع الإنساني الكارثي.
كما اعتبرت دول خليجية أخرى أنّ هذا الهجوم يعكس سياسة الفوضى التي تنتهجها قوات الإحتلال الإسرائيلي، ويُغذّي دوامة العنف ويُقوّض الجهود الرامية للتهدئة وخفض التوتر واحتواء الأزمات عبر الوسائل السلمية والدبلوماسية، داعيةً المجتمع الدولي والأطراف المؤثرة والفاعلة للاضطلاع بأدوارها ومسؤولياتها تجاه خفض التصعيد، وإنهاء الصراعات في المنطقة، عبر معالجة جذور وأسباب الأزمات بإنهاء الإحتلال الإسرائيلي غير المشروع للأراضي الفلسطينية والعربية، ووقف العدوان على غزّة، وإحياء مفاوضات السلام لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليميين، والحفاظ على حقوق شعوب المنطقة كافةً في العيش بأمان وسلام وازدهار.
ينمّ هذا الموقف الخليجي، الذي نأمل ان يستمرّ ويتعزز ويصبح استراتيجية دائمة متبعة من دول المنطقة عن شعورٍ بالمسؤولية تجاه ما يمكن أن يواجه بلداننا وشعوبنا من مخاطر مُدّمرة، لأنّ دولنا ستكون المتضرر الأكبر من الحرب الإقليمية الشاملة، ما يتطلب استمرار حرص هذه الدول على عدم الرضوخ لأي ضغوط خارجية، لجرّها إلى حلبة الصراع الذي تسعى حكومة نتنياهو الصهيونية إلى توسيع نطاقه الإقليمي وتحويله إلى حربٍ شاملة، تعود بالنفع على الكيان الغاصب، وتلحق بشعوبنا الكثير من الكوارث والأضرار.