ماذا بعد سقوط بشار الأسد

0
31

منذ تاريخ 27-12-2024 والتطورات السياسية في سوريا متسارعة، وقد بلغت ذروتها بسقوط النظام الحاكم وهروب رئيسهِ بشار الأسد إلى روسيا. التطورات الدراماتيكية بتقدم الجماعات المسلحة بقيادة جبهة تحرير الشام نحو حمص ودمشق وانسحاب الجيش السوري، لم تكن عشوائية بل مخطط لها من قبل دول إقليمية ودولية كبرى.

الشرارة الأولى كانت في 2011 عندما اندلعت الاحتجاجات الشعبية في المدن السورية ومطالبتها النظام الحاكم بضرورة إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية تنقل البلاد من الاستبداد إلى واقع ديمقراطي واجتماعي أفضل. غير أن قوات الجيش تعاملت بوحشية مع المحتجين بدلاً من الاستماع إلى صوت العقل وتنفيذ مطالب الشعب العادلة.

المفصل الأهم والأخطر في تطور الأزمة السورية كان في تدخل القوى الخارجية ودعمها لطرفي الصراع: المعارضة ونظام الحكم. لتدخل سوريا في حالة حرب مستمرة بين دول كبرى على أراضيها، والضحية كانت سوريا أرضًا وشعبًا.

إذا كان نظام الحكم الساقط يُحسب له وقوفهِ ومساندتهِ لحركات المقاومة الفلسطينية واللبنانية ضد الكيان الصهيوني، فإن ذلك لا يبرر حالة الاستبداد والظلم التي مارسها النظام لعقود ضد شعبهِ. وما التحول المفاجئ في الموقف الروسي والإيراني لبشار الأسد وتركهِ وحيدًا في مواجهة الجماعات المسلحة إلا درس بليغ بأن الضامن الأول للحكم هو الشعب وليس الجيوش والدول الأجنبية.

السؤال الكبير الذي يطرح نفسه في هذه المرحلة، ماذا بعد سقوط نظام البعث في سوريا؟ 

لا شك أن سقوط بشار الأسد سيترتب عليه تداعيات معقدة ومتشابكة، نظرًا للطبيعة المركبة للوضع السوري، الذي يشمل قوى إقليمية ودولية وفصائل داخلية ذات مصالح متباينة. ما لا يتمناه السوريين والمحبين لسوريا، أن يؤدي الفراغ السياسي والأمني إلى إنزلاق البلاد إلى سيناريو الفوضى والصراعات الداخلية من أجل التنافس على السلطة.

المخاوف الكبيرة تتمثل في سيطرة الجماعات الإسلامية المتشددة والتكفيرية على السلطة وإدارة البلاد دون مراعاة للتنوع الديني والطائفي والعرقي للسوريين. وما يعزز من هذه المخاوف الموقف الرسمي للعديد من دول الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك بعض الدول العربية في انتقائية التصنيف للمنظمات والجماعات الإرهابية بما يخدم توجهاتها ومصالحها. 

السيناريو الثاني السيئ هو توسع النفوذ الإقليمي والدولي على حساب سوريا وشعبها. فالقوى الدولية: روسيا وأمريكا، والقوى الإقليمية: تركيا والكيان الصهيوني وغيرها، ستسعى إلى ملئ الفراغ وضمان حماية مصالحها وتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية واستراتيجية واسعة.

وبات من الواضح أن مواقف الدول العربية تجاه إسرائيل متباينه وتعتمد على المصالح الفردية لكل دولة. ففي السنوات الأخيرة، شهدت المنطقة تحولات جذرية، حيث بدأت بعض الدول العربية بالتطبيع مع إسرائيل تحت مظلة المصالح الأمنية والاقتصادية المشتركة، مبررة ذلك بالخوف من تهديدات إقليمية متمثلة في إيران. والعامل الطائفي لعب دورًا كبيرًا في تسريع عملية التطبيع وتباين المواقف في دعم فلسطين.

السيناريو الثالث وهو ما يتمناه كل المحبين لسوريا، هو الوصول إلى حل سياسي وانتقال السلطة بصورة سلمية. ففي حال وجود توافق محلي ومدعوم إقليميًا ودوليًا، بالإمكان الدفع باتجاه حل سياسي يشمل تشكيل حكومة انتقالية تضم جميع الأطراف السياسية الفاعلة.

أما في حال فشل الحل السياسي، قد تتجه سوريا نحو التقسيم الفعلي إلى مناطق نفوذ متعددة: شمال شرق تحت سيطرة الأكراد وبدعم أمريكي، غرب تحت النفوذ الروسي، شمال تحت النفوذ التركي، وغير ذلك من التقسيمات المحتملة. 

لا شك أن نجاح سوريا في تجاوز أزمتها يعتمد على قدرة السوريين، بدعم -صادق-من المجتمع الدولي على بناء نظام سياسي شامل ومستقر يحفظ وحدة البلاد

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا