هلوسات

0
49

في الثانوية كنت مفتونة برواية “لا أنام” لإحسان عبدالقدوس؛ ربما لأني لا أنام بيولوجياً، أقضي ساعات نومي في عالم هلامي يتأرجح بين الصحو والنوم، وكنتيجة منطقية لغفوتي بعد فيلم سريع الأنفاس أو صفحة من كتاب أو حوار تافه أو مركب.. يرسم تشكيلي الجواني لوحات مبعثرة من هنا وهناك لمواد مسموعة ومرئية في تختي، يتماهى العالمان حد فقداني للتمييز بينهما، الخيط الأسود يعانق الأبيض تحت جفنيّ.

مرةً نمتُ بعد مسلسل “قيد مجهول” فرأيت في منامي الممثل باسل خياط مصوّباً كلاشينكوف صغير أمامي ويستميلني للتندر والضحك على عبد المنعم عمايري ويقول بنبرة ساخرة “تفو عليكِ يا دنيا”.. مرّة أخرى غفوت على الأريكة بعد فيلم وثائقي مصري ورأيت فيفي عبده تتمشى في خان الخليلي وتوشوش صلاح جاهين “اوعى تلف بجرحك تشحت”! ومرّة جلست مع جوزيه ساراماغو في مقهى وأخبرني بأن كوفيد 19 هو بطل مزيّف لرواية جديدة تدحض خيالاته في انقطاعات الموت، اعتقدت أنه حلم صافٍ لا يشوبه وهم، وحين رجعت لآخر ما غفوت قبله كان تقرير الصحة لحالات الجديدة المصابة بالفيروس. 

يكون الأمر مضحكاً حين يتسرب الواقع إلى المنام أو نقيض ذلك، حين يمدّ المنام لسانه على الواقع، يحدث هذا صباحاً حين تدندن صوت فيروز “متاري الكلام بيضلو كلام وكلشي بيخلص حتى الأحلام” أتخيّل رائحة كوب الكرتادو للتأكيد على يقظتي وعبثاً أستدير حتى أتبيّن أني قلبت الوسادة وعدت للحلم بعد هلوسات سمعية.