سنستعرض هنا دراسة مصغرة تقارن بين رواتب النساء والرجال بين القطاعين العام والخاص مع عقد العديد من المقارنات المختلفة التي تدفع بالوصول الى استنتاجات، مستخدمين البيانات المنشورة في التقارير الأحصائية لهيئة التأمينات الأجتماعية للأعوام 2015 و 2018 و 2021 لغرض المقارنة.
وصلت الدراسة إلى العديد من الأستخلاصات، أهمها:
- تُشكل المرأة 53% (ثلاثة وخمسين بالمئة) من مجموع القوى العاملة في القطاع العام في تطور عن السنوات السابقة حيث كانت تشكل 48% (ثمانية واربعين بالمئة) في عام 2015 و50% (خمسين بالمئة) في عام 2018.
- متوسط الراتب الشهري للمرأة في القطاع العام أقلّ من راتب الرجل بنسبة 12% (اثني عشر بالمئة) ويؤشر إلى انحدار، فيما كان أقل من الرجل بنسبة 2% (اثنان بالمئة) في عام 2015 و 4% (أربعة في المئة) في عام 2018.
- بالنسبة الى وسيط الرواتب، وهي ناتج حساب متوسط الرواتب مع استبعاد الرواتب العليا والرواتب الدنيا، والذي يشكّل المقياس الأفضل للمقارنة، فإنه أيضاً يؤشر على انحدار وضع المرأة في القطاع العام، حيث أن وسيط رواتب المرأة أقل بنسبة 2% (اثنان بالمئة) بينما كان وسيط رواتب المرأة أعلى من الرجل في 2015 و 2018 بنسبتي 4% (اربعة بالمئة) و 7% (سبعة بالمئة) على التوالي.
- لا يوجد مبرر منطقي لحصول المرأة على رواتب اقل من الرجال بينما الوظائف والمهام متساوية ومتطابقة.
- في المجمل؛ وضع المرأة العاملة في القطاع العام متميز ولكن هناك مؤشرات على انحدار هذا الوضع وهو ما يجب الألتفات له ومعالجته.
- تشكّل المرأة العاملة في القطاع الخاص 35% فقط (خمسة وثلاثين بالمئة) من مجموع المواطنين العاملين في القطاع الخاص وهذه نسبة قليلة وغير مبررة.
- في المتوسط تحصل النساء في القطاع الخاص على رواتب أقلّ من الرجال بنسبة 29% (تسعة وعشرين بالمئة)، وهذه النسبة في انحدار مقارنة بما كانت عليه في 2018 عندما كانت أقل بنسبة 19% (تسعة عشر بالمئة).
- بينما وسيط الرواتب يشير الى ان رواتب النساء أقل بنسبة 11% (احدعشر بالمئة) من الرجال وهي ايضا في انحدار بالمقارنة مع عام 2018 عندما كانت اقل بنسبة 5% (خمسة بالمئة).
- الرسم البياني يقارن بين متوسط رواتب النساء والرجال في القطاع العام ورغم أن رواتب النساء أقل في أغلب الفئات، إلا أنها متقاربة وتسير في نفس النمط، وهذا ناتج عن وجود جداول رواتب لا تميّز على أساس النوع الاجتماعي في القطاع العام.
- وهذا الرسم البياني يقارن بين متوسط رواتب المرأة والرجل في القطاع الخاص وبشكل جلي، هناك فرق كبير جداً بين الرواتب، فحين تتصاعد رواتب الرجال بشكل منطقي فإن رواتب النساء تبقى ثابتة في معدل ثابت حتى التقاعد.
- وهذه أحد الشواهد على أسباب التقاعد المبكر لدى المرأة كمهرب من بيئة عمل غير صحيّة ولا توفر فرص العمل المتساوية بل تقدم تمييزاً واضحاً ضد المرأة. بالإضافة إلى تدني رواتب النساء بشكل خاص، وقربه من معاشات التقاعد ما يشجع على التقاعد المبكر مقارنة بمواصلة العمل من جانب اقتصادي.
- الرسم البياني والذي يقارن بين رواتب النساء في القطاع العام والخاص، يبين الفرق الكبير في الرواتب، حيث تتقاضى العاملات في القطاع الخاص أقلّ بكثير من نظيراتهن في القطاع العام.
- يؤشر لنا الرسم البياني أيضاً على أحد أهم أسباب البطالة المؤنثة واصرار الخريجات على العمل في القطاع العام دون الخاص.
- كما يؤشر على فشل أحد الأهداف الأساسية لقانون العمل الصادر لسنة 2012 والذي يهدف الى تقريب منافع ومزايا القطاع الخاص الى القطاع العام.
- وأيضا يرينا أن المسؤولين في وزارة العمل وأي جهة اخرى معنية، غير مكترثين لما يحصل من تمييز ضد المرأة ولا نرى أي أعتراف بالمشكلة ناهيك عن التفكير في حلها.
نخلص من هذا الاستعراض إلى ملاحظة التمييز الصارخ ضد المرأة في القطاع الخاص خصوصاً، ورؤية التأثيرات الاجتماعية السلبية لهذه الظاهرة، دون أن نرى أي جهود في هذا الملف، ما يجعلنا ننبه المجتمع والجهات المعنية، الحكومية والأهليّة بأهمية الالتفات لهذه القضية واعطائها حقها في الدراسة وتقديم الحلول.