في وضع مشحون بالقسوة والقساة، مليء بالضنى والقهر والنهب، يتسيّد الجشع المعلن بلا خجل ولا خوف ولا استحياء، وللأسف من تحت قبة البرلمان تخرج أحياناً كثيرة قوانين تحمي ذلك، وإلا كيف تنهب الحقوق في وضح النهار وبلا مساءلة للفاسدين، فيما المطوب من نوّاب الشعب الوقوف إلى جانبه والنظر في أحواله المعيشية؟.
لقد كان النواب يتسابقون في إظهار “حبهم” للشعب أثناء خطبهم في خيام الانتخابات، واليوم لسان حال بعضهم يقول بعد الفوز: (أنا يهمني الراتب.. لا يهمني شيء)، (غيري ليس أحسن مني) وبالفعل لا يفعل ما كان قد قاله في حملته الانتخابية.
لتأخذوا الراتب لا مشكلة، لكن تحدّثوا دفاعاً عن حقوق الناس كما استبسلتم في خطاباتكم أثناء الحملة الدعائية في الخيام، لتكن شعاراتكم صادقة، عندما استعرضتم للدفاع عن مطالب الشعب من أجل السكن والبطالة والصحة والتعليم، ألا تريدون لشعبكم أن يتعلم ويتثقف ليرتقي بوطنه وحرصه للعيش في بيئة صحية نظيفة؟ ألا تريدون وطناً متحضراً؟
نحن اليوم نسبح في بحيرة من الفساد وذلك بسبب حب الذات والأنانية وسلوك جمع المال بطرق غير مشروعة عبر الصناديق التأمينية والتقاعد من أناس لا يمسهم القانون، ولا يصلون حتى المحاكم على عكس الفقير المعوز حين يسرق تتم سرعة البت في الحكم عليه.
بالأمس كانت أمور النهب من تحت الطاولة، وكل جهة تتهم الأخرى أما اليوم كل شيء واضح حيث جهات النهب معروفة، فأين النواب، إلا قلة منهم، من ذلك؟، ولماذا لا نسمع أن الوزير الفلاني أم المدير العلاني حوكم أو سجن بتهمة الفساد وسرقة المال العام؟، فالديمقراطية يجب ألا تكون عملية شكلية، تصاغ نصوصها ليلاً وتسرد في الصباح، الديمقراطية ممارسة ، أفعال لا أقوال فقط.
أيّها النوّاب، أنتم لستم أطباء ولا مهندسين، لستم عمالاً في مصانع، لقد خوّلكم الشعب بأن تكونوا عوناً له، لا فرعوناً عليه، خوّلكم بأن تكونو نوّاباً عنه لا نوّاباً لأحد غيره، وقد انتخبكم لترعوا مصالحه، وتحافظوا على حقوقه ومكتسباته ولا تكونوا طرفاً مع من يلتوي على القانون.