الأمين العام: نحتفي بمناضل شجاع ووجه مضيء في تاريخ حركتنا الوطنية
أقام المنبر التقدمي تأبيناً للمناضل الشجاع حسن علي محمد خليفة، أحد مناضلي جهة التحرير الوطني البحرانية، الذي رحل عنا في 11 أكتوبر الماضي، شارك فيه عدد من رفاق وأصدقاء الفقيد وأفراد عائلته، وأدارته الرفيقة إيمان شويطر.
وفي كلمته لتأبين المناضل الفقيد، قال الأمين العام للمنبر التقدمي خليل يوسف بأنه: “في حياة كل شعب هناك أشخاص ناضلوا، وكافحوا، ولعبوا أدوراً في مسيرة أوطانهم، والمناضل حسن علي محمد خليفة واحد من مناضلي هذا الوطن، شعلة وطنية وهاجة، ولا أعرف ان كنا في هذه المناسبة سنوفيه حقه، لأننا مهما تطرقنا إلى سيرة نضاله وحراكه الوطني في مختلف المحطات والملفات الوطنية سنجد أن هناك جوانب أخرى في سيرته ومساره، يكفي القول إن من عرفه احترم ما في داخله من أفكار وقناعات ومواقف، كانت البوصلة فيها دائماً متجهة نحو الوطن”.
وأضاف يوسف: “لقاؤنا اليوم ليس تأبيناً فحسب، إنما هو احتفال واحتفاء بالمسيرة الزاخرة لهذه السيرة لرجل مناضل رحل، ووجه مضيء من وجوه تاريخ شعبنا وحركتنا الوطنية والتقدمية، نجدد كامل التقدير والاعتزاز له ولكل من كابدوا الكثير في ظروف النضال السري الصعبة، وبذلوا جهودًا كبيرة في بناء جبهة التحرير الوطني ونشر الوعي التقدمي في المجتمع، ونادوا بحقوق الطبقة العاملة والجماهير الكادحة، وهذا ما أكده المنبر التقدمي في بيانه وهو ينعى هذا المناضل الشجاع”.
وتابع يوسف: “هذه المناسبة اليوم نستذكر فيها مناقب هذا المناضل، المجنون بحب الوطن كما تصفه ابنته لولوة، ونستذكر معه وبكل فخر واعتزاز تاريخ شعبنا وحركتنا الوطنية التي ضمت الى جانبه العديد من المناضلين الذين التصقوا بهموم وتطلعات شعوبهم، وقبضوا على جمر الوطنية في الصميم، وكانوا المنارة التي أضاءت فضاءات الوطن في مسيرة النضال الوطني”.
وواصل يوسف: “لم تكن حياة حسن على محمد خليفة “أبو نصر”، وحياة بقية المناضلين مجرد أيام راكمها الزمن، بل جهاداً ونضالاً ومواقف والتزام فكرى وسياسي واخلاقي واصبحوا عناوين مضيئة في مسيرة الحركة النضالية، وصوت من لا صوت لهم، لمناضلنا حسن على محمد خليفة ولكل المناضلين من جبهة التحرير الوطني، وغيرهم من أبناء هذا الوطن، ومنهم من معنا اليوم في هذه القاعة يشرفوننا بحضورهم، وهم اليوم جزء حي من ذاكرة الوطن، نؤكد أن قلوبنا تمتلئ اعتزازاً بسيرة هؤلاء ونضالاتهم الوطنية، وسعيهم لتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية والديمقراطية الحقة، فلكم منا وعلى الدوام كامل المحبة والتقدير والعرفان”.
مفتونٌ بالبحرين
من جانبها، تساءلت ابنة الفقيد المناضل حسن علي محمد خليفة، لولوة، عما يمكن ان يطلق على والدها حينما: “يخير بين السجن أو النفي، ويختار أن يستغني عن حريته حتى لا يترك تراب الوطن، أمناضلاً نسميه أم مجنوناً؟”.
وقالت: “كان والدي مفتوناً. مفتونٌاً بالبحرين التي اختارها لتكون أمه. وهو الذي لم يحظ بحنان الأم التي فقدها قبل أن يكمل السنتين من عمره. أبي الذي كسر قاعدة “فاقد الشيء لا يعطيه” كان بحراً من الحنان في هيئة إنسان”. وتابعت: “كان يقدس تراب هذه الأرض بكل ما تحمله الكلمة من معنى؛ مؤمنٌ بأن لا شيء يستحق الكفاح من أجله سوى الوطن. والدي اليساري حتى النخاع الذي قضى حياته كلها يعطي ولا يأخذ. هو أكثر من عرفت نبلاً وشهامة”.
أما زميل الفقيد في سجنه في (جدا) عضو “التقدمي” المناضل حسن جاسم، فاستذكر أيام السجن مع الفقيد وقال: “تعرض مناضلو جبهة التحرير الوطني البحرانية للعديد من الملاحقات والمطاردات البوليسية والاعتقالات، ومن ذلك ما حدث في صيف 1968 بتوجيه ضربة قاسية للعديد من الرفاق وكوادر الجبهة بهدف شل النشاط السياسي والجماهيري للجبهة، بل والقضاء عليها، ومن بين تلك الكوادر البارزة والنشطة التي تم اعتقالها هو رفيقنا الراحل حسن علي محمد خليفة، حيث أنه تعرض لمحاكمة صورية قضت بحكمه ست سنوات والمتحدث امامكم ايضاً تعرض لمحاكمة صورية قضت بحكمه خمس سنوات لحداثة سنه”.
وتابع: “بعد انتهاء المحاكمة، نقلونا إلى جزيرة جدا، هناك البسونا السلاسل وحكموا علينا بالأشغال الشاقة والبسيطة”. وأضاف: “كان الرفيق طوال فترة سجنه يتميز بالاتزان والنباهة والهدوء والاخلاق النبيلة، لذلك حظي بالاحترام من كافة السجناء والمعتقلين وحتى الشرطة ومدير السجن فرانك سميث، بالرغم من مشاركته في العديد من الاضرابات داخل السجن وبعض الاحيان الاشتباكات مع البوليس”.
وواصل جاسم: “كنت مع الرفيق نتبادل الآراء في مختلف القضايا التي تواجهنا داخل السجن، فكان حاذق البصيرة برؤيته الفكرية والعملية، وعلى ضوء ذلك نتخذ القرارات بما يتعلق بالتعامل مع البوليس وضابط السجن، وطوال فترة السجن كنا محرومين من اقتناء الكتب والمجلات، الا أن الرفيق كان يحتفظ بذاكرته القوية، فكان يحدثني ويشرح لي بعض المفاهيم السياسية التي لم أكن أدركها آنذاك لحداثة سني وقلة خبرتي في الحياة السياسية والنضالية في صفوف الجبهة، حيث يرجع له الفضل في بلورة أفكاري وثبات العزيمة والإرادة بالوقوف جنباً إلى جنب في تحركاتنا نحو تحسين مستوى الحياة داخل السجن”.
صاحب موقف
المناضل عيد ياسين، قال في مداخلته: “لقد قضيت ثلاثة أعوام بالكامل في زنزانة واحدة مع المناضل الراحل حسن علي محمد مع سجين جنائي آخر، كنا نتبادل الحديث داخل الزنزانة وهو رجل صاحب موقف ورأي، لذلك اعتز بصداقته هو والمناضل الشهيد محمد بو نفور”، وتحدث عن وعيه الاجتماعي وعلاقته ومحبته واهتمامه بأسرته زوجته وأولاده، يقول كان آخر اتصل به قبل أيام من وفاته”.
أما الأستاذ أحمد الفايز، قريب الفقيد، فقال: “بأنه شاهد (جيب) الشرطة واقفاً أمام بيت المناضل الراحل حسن علي، وإذا بهم يخرجون من بيته وهو مقيد ولكنه كان مرفوع الرأس، في عام 1968 في “فريج الزياني” بالمحرق، كان حسن علي مناضلاً بصلابته وبمواقفه، وكانت المناضلة الأخرى زوجته بنت أختي التي انتظرت المناضل حسن ستة أعوام ولم تتخل عنه بالرغم من الضغوطات العائلية عليها بعدما تمت محاكمة حسن وتنفيذ الحكم، كانت وقتها خطيبته، انتظرت تلك السنوات الست”.
فيما أشار النقابي عباس عواجي في مداخلته بأنه: “التقى الرفيق الراحل حسن علي لأول مرة عام 1966 عندما كان يأتي للمنامة للاجتماع بخلية كان فيها الرفيق الراحل عبدعلي الخباز وشقيقه جعفر عواجي الذي توفى بعد حوالي تسعة أيام من وفاة الفقيد المناضل حسن علي، يقول الرفيق عباس كنت بمثابة مراقب لهم، ومرة ثانية التقيت به في سجن جدا عام 1972 بعد أن أصبحت قائداً نقابياً، كان الرفيق الراحل حسن علي مناضلاً صلباً”.
وقال الشاعر عبد الحميد القائد بأنه: “عرف المناضل الراحل حسن علي محمد، عندما كان عمره عشر سنوات من خلال رفقته لشقيقه الرفيق الراحل حسين القائد والرفيق محمد فروتن، وقتها لم يكن يعي دوره النضالي بسبب صغر سنه، وفي عام 1966 شاهده وهو يلقي كلمة باللغة الانجليزية في شركة طيران الخليج في حفل وداع أحد العاملين الأجانب فيها، وكان في كلمته يشيد بنضال الطبقة العاملة ودورها التاريخي في التغيير والنضال المطلبي، مرة أخرى التقى به في سجن جدا عام 1970”.