إصلاح التقاعد لن يتم بالنهج المأزوم المتبع

0
33

في نهاية الدور الرابع من الفصل التشريعي الرابع تقدّمت الحكومة بمشروع تعديل قانون هيئة التأمين الاجتماعي، والذي تمّ رفضه شعبياً ونيابياً وتوج ذلك الرفض بأمر من جلالة الملك بسحبه على أن تتم أي إصلاحات بالتوافق مع المؤسسة التشريعية، كان مضمون ذلك المشروع يتلخص في إعطاء مجلس ادارة الهيئة صلاحيات تمكنها من تغييرات جوهرية على قانون التقاعد تمس حقوق ومكتسبات المشتركين من عاملين ومتقاعدين وهي صلاحيات تختص بها المؤسسة التشريعية وليست من اختصاص السلطة التنفيذية.

وتتلخص الرؤية التي قدّمتها الحكومة رسميًا إلى مجلسي النواب والشورى بشأن نظام التقاعد في القطاعين العام والخاص، في الفصل التشريعي الرابع عام 2018 في التالي:

  1. رفع سن التقاعد المبكّر تدريجيًا بدءًا من العام 2019 لمدّة خمس سنوات، ليصل الحدّ الأدنى لسنّ التقاعد إلى 55 سنة في عام 2023، على أن يتم مساواة النساء بالرجال في ذلك.
  2. إعادة التأمين على الأجانب في القطاعين العام والخاص.
  3. تعديل نسبة الاشتراكات في القطاعين العام والخاص والسلطة التشريعية لتكون 27% تدريجيًا، اعتبارًا من سنة 2019، إذ يزاد 1% سنويًا في القطاعين حتى يصل إلى النسبة المقترحة.
  4. تسوية المعاش التقاعدي على أساس متوسط الراتب أو الأجر، للسنوات الخمس الأخيرة للقطاعين العام والخاص
  5. المدة المؤهلة لاستحقاق المعاش 25 سنة كاملة في جميع الأحوال، باستثناء معاش العجز الكلي أو الوفاة، وإلغاء جميع المدد الاعتبارية في القوانين التقاعدية السارية، وإلغاء جبر كسور السنة إلى سنة كاملة في حساب مدد الخدمة.
  6. صرف الزيادة السنوية للمتقاعدين لمدة 7 سنوات فقط، على ألا يتعدى المعاش قيمة الراتب الذي حسب على أساسه المعاش التقاعدي، ووضع حد أقصى لقيمة الزيادة السنوية (3%) على ألا تتعدى مبلغ 50 دينارًا سنويًا. وبدء احتساب الزيادة السنوية على المعاش عند بلوغ سن 55 عامًا،
  7. اعتبار سن التقاعد الإلزامي للرجل والمرأة هو سن 60 سنة في جميع الصناديق التقاعدية، مع إمكان التمديد اختياريا إلى سن 65 سنة.
  8. الحد الأقصى للراتب التقاعدي وفق الراتب الخاضع للاشتراك؛ ففي القطاع العام بما يعادل راتب الوزير عند بدء التعيين، على أن تثبت رواتب الموظفين الحاليين الذين تفوق رواتبهم راتب الوزير عند التعيين، وذلك اعتبارا من صدور القانون، وعند انتهاء الخدمة يتم تقسيم مدد الاشتراك واحتساب المتوسط لكل مدة على حدة، ويحسب المعاش ومكافأة نهاية الخدمة أو مكافأة التقاعد بجمع متوسط المتوسطين معًا، إلى جانب استحداث ميزة التأمين التكميلي اختياريًا، أما في القطاع الخاص فيتم الإبقاء على الحد الأقصى للأجر الخاضع للاشتراك عند 4 آلاف دينار.
  • وضع حد أدنى للراتب الخاضع للاشتراك في القطاعين العام والخاص، بما يعادل الحد الأدنى للمعاش التقاعدي مضافا إليه نسبة 50%، بحيث إذا كان الحد الادنى للمعاش التقاعدي 200 دينار، فإن الراتب الخاضع للاشتراك يكون 300 دينار.
  1. كما تضمنت الرؤية الحكومية التالي:
  2. إعادة تفعيل فرع التأمين على الأجانب في القطاع الخاص الذي تم إيقاف العمل به مؤقتًا منذ 14 مايو 1977، واستحداث نظام للتأمين على الأجانب في القطاع الحكومي أسوة بالمعمول به في القطاع الخاص.
  3. دمج حساب التأمين ضد التعطل ضمن فروع التأمين الأخرى، وتحويل المبلغ الفائض إلى حساب احتياطي صندوق التقاعد المدني والتأمين الاجتماعي، كل بحسب نصيبه من الاشتراكات.
  1.  وقسمت الحكومة المشتركين إلى أربع فئات: الفئة الأولى هم الموظفون الذين لديهم مدة خدمة 25 سنة في القطاع العام، أو 20 سنة في القطاع الخاص، ومؤهلون للمعاش التقاعدي، وهم ممن «لن تسري بشأنهم التعديلات المقترحة»، أما الفئة الثانية فهي تتعلق بالموظفين الذين لديهم مدة خدمة 15 سنة وأقل من 24 سنة في القطاع العام، أو 15 سنة وأقل من 20 سنة في القطاع الخاص، إذ «ستُعامل مدة خدمتهم قبل التعديل بمعزل عن المدة التالية لتطبيق التعديلات المقترحة، ثم تجمع المدتين معا عند تسوية المستحقات التقاعدية»، والفئة الثالثة تعنى بالموظفين الذين لديهم مدة خدمة 10 سنوات وأقل من 15 سنة في كلا الصندوقين، إذ «سيتم تخييرهم بمعاملة مدة خدمتهم قبل التعديلات وفقا للفئة الثانية أو معاملة كامل المدة وفقا للتعديلات على القانون»، إلى جانب الفئة الرابعة التي تتعلق بالموظفين الحاليين الموجودين على الخدمة، ومدة خدمتهم أقل من 10 سنوات في كلا الصندوقين، وتطبّق بشأنهم التعديلات على القانون.

كما جاءت التعديلات الحكومية المقترحة بناء على كل من: المرسوم بقانون رقم (21) لسنة 2020، والمشروع بقانون والتي قدّمتها رسميًا إلى مجلسي النواب والشورى بشأن نظام التقاعد في القطاعين العام والخاص في الفصل التشريعي الخامس عام 2020 والتي تنص على:

  • إصلاحات طارئة صدرت بمرسوم تتظمن:
  • دمج صندوقي القطاع العام والخاص.
  • وقف الزيادة السنوية للمعاش التقاعدي إلى ان يتوفر فائض في الصناديق.
  • وقف الجمع بين المعاش التقاعدي والراتب.
  • منع الجمع بين المعاشات التقاعدية من الصناديق التقاعدية والتأمينية.
  • إصلاحات طارئة مستعجلة قدمت للمجلس النيابي في مشروع بقانون
  • تخفيض المعاش بمعدل 6% عن كل سنة من سنوات التقاعد قبل سن التقاعد الأعتيادي.
  • إعتبار سن التقاعد الاعتيادي 60 سنة والاختياري 65 سنة مع جواز الاستمرار في العمل بعد ذلك.
  • تسوية المعاش على متوسط راتب الخمس سنوات الاخيرة قبل التقاعد.
  • زيادة نسبة الاشتراكات التأمينية 1% تدريجياً حتى تبلغ 27% وذلك إعتبار من 2020م.
  • وضع حد أدنى لسن التقاعد عند 55 عاماً.
  • إلغاء سنوات الخدمة الاعتبارية.

 بالمقارنة بين المقترحين المقدمين في الفترتين السابقتين يتضح أن التعديلات الأخيرة بمجملها والتي تضمنها كل من المرسوم والمشروع بقانون هى أقسى على المشتركين في نظام التأمينات الاجتماعية بمزيد من الانتقاص من المنافع التي يتوجب على هيئة التأمين الاجتماعي الوفاء بها.

وهنا لابد من الإشارة إلى مستجدين يُجمع المتابعون الجادون على تأثيرهما السلبي على الصناديق التقاعدية وعمق أزمتها، وهما:

تحميل الهيئة التزامات صندوق معاشات ومكافآت التقاعد لأعضاء الشورى والنواب والمجالس البلدية حين تمّ إلغاء ذلك الصندوق، خاصة أن هناك من الاشتراكات والالتزامات الحكومية ما لم تسدد للصندوق، مما حمّل الصندوق مزيداً من التكاليف.

تبعات برنامج التقاعد الاختياري والذي تم عبره إخراج ما يعادل 18% من موظفي الحكومة وتحويلهم من مساهمين يمولون التقاعد إلى متقاعدين تقاعداً مبكراً يستحقون معاشات تقاعدية  ساهم في رفع تكلفة المعاشات التقاعدية وتدهور الوضع المالي بصورة سريعة لهذه الصناديق والتي يتضح جلياً في وضعية صندوق القطاع العام المتدهورة بصورة أكبر من صندوق القطاع الخاص.

* كلا القرارين تقدمت بهما الحكومة ووافق عليهما المجلس النيابي بدون تقديم أية دراسات اكتوارية تبين تأثيرها على التقاعد رغم كل ما تقدم وصرح به وفي عدة مناسبات عن الوضعية المتدهورة لصناديق التقاعدية والتي تستند على الدراسات الاكتوارية، التي لم تكن بمعزل عن السياسات الأخرى المتبعة بتحميل نظم التأمينات الاجتماعية تبعات قرارات غير حصيفة، بدءاً من قرار إبعاد العمالة غير البحرينية من التقاعد ومروراً بقرار خفض الاشتراكات، وصولاً إلى ما نحن فيه.

ما يثير الاستغراب والدهشة موقف النواب في كلتا الحالتين، إذ كيف لمجلس نواب يمثل الشعب أن يوافق على تحميل الناس تبعات سياسات أثبتت عدم جدواها؟