مرت في الشهر المنصرم، وبالتحديد في الخامس منه، الذكرى الخمسون لتأسيس جمعية فتاة الريف ( 1972 – 2022)، وهي إحدى الجمعيات النسائية في البحرين، حيثُ بدأ النشاط الأهلي النسوي منتصف الخمسينات بتأسيس جمعية نهضة فتاة البحرين عام 1955، كأول جمعية نسائية في البحرين والخليج العربي، تلاها تأسيس عدة جمعيات: جمعية الرعاية والأمومة، وجمعية أوال النسائية في المحرق التي تأسست عام 1970، وجمعية الرفاع النسائية الثقافية الخيرية بالرفاع.
تأسيس جمعية فتاة الريف جاء نتيجة حاجة وليس من فراغ، وقتها كانت هناك جمعيات نسائية في أغلب مناطق البحرين ويخلو الريف وهو ليس بعيداً عن المدينة من وجود جمعية نسائية تهتم بقضايا المرأة. وعندما نتحدث عن ظروف التأسيس علينا الرجوع خمسين عاماً، تحديداً إلى العام 1972، ومجتمع مُحافظ كان مُجرد الحديث فيه عن تأسيس جمعية نسائية يُعتبر خروجاً عن التقاليد السائدة.
في ذلك الوقت، ثُلة من نساء المنطقة ( جدحفص، السنابس والديه) يجمعهن هدف واحد، النهوض بالمرأة في الريف وانتشالها من براثن الجهل وتوعيتها بحقوقها، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال جمعية تؤطر جهودهن كما هي الحال في مدن البحرين: المنامة، المحرق والرفاع حيثُ توجد جمعيات تعمل بشكل رسمي.
تتذكر السيدة نجاة الموسوي إحدى العضوات المؤسسات لجمعية فتاة الريف، “كنا مجموعة صغيرة من النساء، محدثتك، وحياة وصفية الموسوي، ورباب ونعيمة وفاطمة رضي، والسيدة فضيلة شرف القادمة من المنامة وصدّيقة عبدالله وصفية عبدالله وسامية العود ومدينة فلاح والمرحومة نعيمة العكري ونساء أُخريات .
“لم يكن لدينا مقر مع التأسيس، والحديث لا زال للسيدة نجاة الموسوي أم سلام، كنا نلتقي في البيوت لدراسة النشاطات والبرامج المقترحة والحديث حول هموم وقضايا المرأة في الريف”.
وتُضيف السيدة نجاة: “لم يكن التأسيس سهلاً، لكننا وجدنا الدعم والمساعدة من جمعية نهضة فتاة البحرين وجمعية أوال النسائية، وهنا وجب التنويه بجهود الدكتورة سبيكة النجار والدكتورة صالحة عيسان وفوزية مطر وعائشة مطر والمرحومة ووداد المسقطي”.
وتستطرد السيدة نجاة، كن يزوروننا ويقدمن لنا الدعم بما فيه الدعم المادي، ومساعدتنا في إعداد النظام الأساسي واللوائح المنظمة لعمل الجمعية. وتُضيف السيدة نجاة: “كن بسيطات في تعاملهن وهنا القادمات من المدينة.
من أهم النشاطات التي بدأت بها الجمعية تنظيم دروس محو الأمية للنساء اللاتي لم يتمكن من الإلتحاق بالتعليم النظامي وكانت الدروس تُقدم من قِبل عضوات الجمعية، فتمًّ فتح عدة فصول بمدرسة جدحفص للبنات التي تقع جنوب بلدية جدحفص بترخيص من وزارة التربية والتعليم وبدعم وتشجيع من المرحوم الشيخ عبدالعزيز بن محمد آل خليفة وزير التربية في ذلك الوقت”.
السيدة نجاة تفخر وتشعر بالفرح بأن بعض من التحقن بدروس محو الأمية التي نظمتها الجمعية واصلن الدراسة حتى تخرجن من الجامعة: “عندما نتحدث عن التأسيس، لا يمكن التغاضي عن الصعوبات والمعوقات التي واجهت العضوات المؤسِسات، ومن أهم المعوقات أن الجمعية كانت تعمل بدون ترخيص رسمي لرفض وزارة العمل ذلك، وكان التبرير لعدم الإشهار الرسمي “معوقات مجتمعية وتحفظ البعض”، ولكن وقتها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية أعطتنا الضوء الأخضر لنشاطات الجمعية، وظلت الجمعية تعمل بين مد وجزر حتى مايو عام 2001 عندما تمّ الإشهار الرسمي “.
أصبحت جمعية فتاة الريف عضواً مؤسساً في الإتحاد النسائي البحريني، وتشارك في نشاطات الاتحاد، فضلاً عن عدة نشاطات تقوم بها الجمعية من قبيل دورات تدريبية في الحرف اليدوية والمكياج ودورات كمبيوتر والمشاركة في ورش وندوات مؤسسات المجتمع المدني.
في الذكرى الخمسين لتأسيس جمعية فتاة الريف، هذه الجمعية العريقة، تحية عرفان وتقدير للجيل المؤسس، جيلُ عمل في الزمن الصعب وآمن بحتمية التغيير، نساءُ آمن وسرن في درب التغيير من أجل الإنسان والمرأة في البحرين…نشدّ على يد من يواصلن العمل بالرغم من كل المعوقات والصعاب التي تواجه العمل الأهلي ومؤسسات المجتمع المدني.
في الذكرى الخمسين للتأسيس، تحية للحركة النسائية في البحرين تحية لرائدات العمل النسائي في البحرين، نتذكر نساء ساهمن في بناء الحركة النسائية ورحلن، منهن المرحومة السيدة فائقة المؤيد ( جمعية النهضة)، الشيخة لولوة آل خليفة (جمعية الرعاية والأمومة)، السيدة وداد المسقطي ( جمعية النهضة) ، ليلى فخرو( جمعية أوال)، عزيزة البسام ( جمعية النهضة).