قراءة في كتاب “حداثة ظهرها إلى الجدار”

0
149

   الكتاب من تأليف د. حسن مدن وصدرت طبعته الأولى مؤخراً في أكتوبر 2021. يضم الكتاب 316 صفحة من القطع الكبير، ويتناول كما ورد في عنوانه الفرعي التحولات الثقافية في مجتمعات الخليج والجزيرة العربية. ويأتي كما ذكر المؤلف في مقدمته حصيلة انشغال ليس بجديد لديه بالتحولات الثقافية في منطقة الخليج العربية، فقد أعدَّ حول ذلك بعض أوراق العمل وكتب عشرات المقالات، وأبرز تلك الأوراق “طه حسين وجزيرة العرب” التي شكلت نواة الفصل الأول في الكتاب.

  أول ما يلفت في هذا المؤلَف التنوع في محتوى أجزائه وفقاً لما ارتآه المؤلِف هاماً في الاحاطة بالتحولات الثقافية في مجتمعات الخليج والجزيرة العربية والعوامل المؤثرة في تلك التحولات، كدور الهند شرقاً وانعكاسات النهضة “الحداثة” العربية غرباً، دخولاً في غور تاريخ التشكل الثقافي في الجزيرة العربية منذ عصر ما قبل الإسلام إلى تأسيس المملكة العربية السعودية. ثم الانطلاق لتتبع التحولات الثقافية في المجتمعات الخليجية ما قبل النفط، توجهاً لخصوصية الحال البحرينية ودور مثقفيها في التغيير، انتهاءً بما استخلصه المؤلف من تحديات وخرج به من خلاصات.

  ما يلفت أيضاً في مادة الكتاب الكم الكبير من المصادر والمراجع التي اطَّلع عليها المؤلف ووظفها في تعزيز الأفكار والرؤى التي تضمنها مدخل كتابه وفصوله وخاتمته، سواء ما ورد في متن الكتاب من نصوص مقتبسة وأفكار مستوحاة، أو ما ورد في هوامشه التي تنوَّع التوثيق فيها بين اضافات شخصية للمؤلف واقتباسات تفصيلية من المصادر والمراجع.

  وما يلفت ثالثاً الجهد الملموس الذي بذله المؤلف لتسليط الضوء على مظاهر التحولات الثقافية في بلدان الخليج العربية الست، ولإظهار خصوصية بعض التجارب والتحولات الثقافية التي مر بها هذا البلد أو ذاك. ولتغطية ذلك أتحفنا المؤلف وأضاف لمعارفنا بكمٍ كبيرٍ من المعلومات حول بلدان المنطقة تاريخياً وثقافياً بالولوج في تفاصيل بعضها. وليس ذلك بالأمر البسيط ولا السهل، بل نحسب أنه تطلّب من المؤلف جهداً كبيراً مضاعفاً. لذا يسعنا القول إن هذا الكتاب مؤلفٌ خليجيٌ مرجعيٌ عامٌ وشامل يتناول تجربة النهضة الثقافية في عموم بلدان الخليج العربية، ذلك لا ينفي حقيقة أن قطر لم تنل نصيبها بما يكفي لرصد التحولات الثقافية التي جرت في مجتمعها.

  مدخل الكتاب المعنون ب “نحن ومخاضات الحداثة” فصلٌ قائمٌ بذاته كونه لا يقتصر على التطرق لمورد المؤثرات العربية الأولى في التحولات الثقافية في دول الخليج العربية فحسب، وإنما أيضا لأن المؤلف طرح فيه رؤاه وتحليلاته الشخصية وحتى استنتاجاته، حتى أن أجزاء من هذا المدخل تصلح – بتقديرنا – لأن يُختتم بها الكتاب كحصيلة استنتاجات المؤلف.

  في المدخل إسهاب في طرح رؤى متعددة في التأريخ للحداثة العربية كاعتبار الحملة الفرنسية على مصر بوابة للنهوض الثقافي العربي، في حين يرى بعض المفكرين أن العلاقة بين العرب والغرب كانت دائماً موجودة ومتواصلة. ويربط البعض بدء النهضة العربية بعهد الإمبراطورية العثمانية وهيمنتها على المنطقة العربية. وهناك من يعيد الفضل إلى دور محمد علي باشا في النهوض بمصر وتأثيرات ذلك على الجوار العربي. كما ينوِّه المؤلف بدور رفاعة الطهطاوي وكتابه “تخليص الابريز في تلخيص باريز” في وضع اللبنات الأولى لطرح إشكالية النهضة مستنداً في ذلك على ما ذهب إليه كل من سعد الله ونوس ولويس عوض.

   يتضمن مدخل الكتاب استعراض المؤلف لعدد من الرؤى حول مفهوم الحداثة، فقد أمتعنا ووسّع أفقنا بعرض مختلف الرؤى حول الحداثة مما طرحه المفكرون العرب: الشيخ محمد عبده، طه حسين بمشروعه الحداثي، جابر عصفور، علي الوردي، محمد أركون، الزواوي بغوره ومالك بن نبي، بالإضافة لسجالات أحمد الضبيب وعبدالله الغذامي.

   بالمقابل لم يتوقف المؤلف عند مفهومه الذي يعتمده في الكتاب لمصطلح الحداثة، أو لأي الرؤى المطروحة حول المصطلح ينحاز. ولذلك أهمية قصوى أخذاً في الاعتبار أن عنوان الكتاب الأساس يتضمن مصطلح الحداثة، وعنوانه الفرعي يتناول مصطلح الثقافة. وما يستدعي تحديد المفاهيم أن الجدل لا يزال دائراً حول الحداثة والتحديث، كذلك فالمعنى العام والشامل للثقافة من الاتساع بحيث يفوق الجوانب التي غطاها محتوى الكتاب. فإن زعمنا أن الحداثة تعني الجِدة وابداع الجديد، والتحديث يعني العصرنة وتحديث القديم، وإن كان للثقافة عناصر مادية وعناصر معنوية، فيحق السؤال: أيها اعتمد المؤلف. الملموس في سياق محتوى فصول الكتاب بالنسبة للتحولات الثقافية هو العناية بالجانب الأدبي وأحياناً الفني سواء في رصد التحولات أو في طرح نماذج الشخصيات البارزة.

   على هامش ذكر المؤلف لأمسية شعرية حضرها جمهور غفير نسائي- رجالي أقيمت في سنة 1970 بالبحرين يصل لخلاصة هي: أن حدث الأمسية ما كان يمكن بلوغه إلا بعد عمل شاق وجهد دؤوب ومعارك أدبية وثقافية، وأن مجتمعات الخليج لم تتطور بمعزل عن محيطها العربي. وبتقديرنا وإضافة على ذلك فإن الظروف الموضوعية للمجتمع البحريني كانت مهيأةً لحدث كذلك ولغيره، كان الشارع البحريني مهيأً بمستوى وعيه الثقافي والوطني والسياسي في تلك المرحلة التاريخية.

  تحدث المؤلف عن الحقبة النفطية وآثارها المحورية في بنية الاقتصاد الخليجي ومجمل التحولات الاجتماعية والتكوين الثقافي والنفسي للبشر، في الوقت ذاته أكد على أن بلدان الخليج العربية كانت تعتمل فيها ارهاصات منوعة للحراك الثقافي ودور المثقفين ما قبل المرحلة النفطية، وقد اهتم بعرض مظاهر ذلك في بقاع الخليج.

  مع تثمين الحراك الثقافي ما قبل الحقبة النفطية والذي كان انعكاساً صادقاً لمستوى تطور كل بقعة خليجية اقتصادياً واجتماعياً، يجدر التنويه بأن الخليج ما قبل النفط غيره ما بعده، هما حقبتان مختلفتان بالنظر لمجمل التحولات في المجتمعات الخليجية، اكتشاف النفط وبدء صناعته كان محطة فاصلة بين حقبتين بما في ذلك التحولات الثقافية.

  أشار المؤلف لأهمية التحول من المحلي في الثقافة إلى الوطني متطرقاً لأهمية التراث الشعبي الثقافي وحمله لأبعاد اجتماعية يمثلها. المؤلف -بظننا- لم يشبع فكرة التفريق بين المحلي والوطني في الثقافة، لم يَجرِ التفريق بينهما بالوضوح اللازم، وربما احتاج الأمر لأمثلة تجلي الفكرة.

  تطرق المؤلف لأثر تشكُّل الكيانات السيادية الوطنية في تشكيل ثقافة وطنية، موضحاً وضع دول الخليج العربية حيث اصطدمت الدولة الحديثة بالبنى التقليدية ونفوذها كالقبيلة أو العشيرة أو الطائفة. وذكر أنه في بلدان الخليج العربية لم يترتب على الاستقلال تغير في الأنظمة، فلا نقول قبل الاستقلال وبعده بل قبل النفط وبعده. وهذا ما يؤكد أن اكتشاف النفط وبدء صناعته كان هو المحطة الفاصلة بين حقبتين من التحولات في المنطقة بما فيها الثقافية. من جانب آخر فدول الخليج العربية دولٌ جديدة ككيانات سيادية وطنية، لا توجد هنا الدولة العميقة بمؤسساتها ونظمها الراسخة، كما لا توجد الدولة الديمقراطية، ما يوجد هو تجارب لديمقراطيات وليدة أمامها عقود طويلة لتكتمل.

  بيَّن المؤلف أنه بعد النفط جرى انجازٌ كبيرٌ للبنى التحتية والخدمات الاجتماعية لكن بقيت هوة كبيرة بين تلك النهضة والتحول الثقافي التراكمي، مشيراً إلى شيوع أنماط سلوكية وثقافية مشوهة كالثقافة الاستهلاكية وازدراء قيمة العمل والاعتماد المبالغ فيه على العمالة. هنا يجدر التأكيد على أن التحولات الثقافية في المجتمعات تأخذ مكانها في سيرورة بطيئة لا تضاهي سرعة المتغيرات الاقتصادية وتطور مستوى البنى التحتية. كما أن تدفق الثروة وحياة اليسر في أي مجتمع أو أي جماعة أو حتى أي عائلة يطبع معيشتها بمظاهر التمتع بالثروة، وهذا ما حدث في المجتمعات الخليجية.

  وبالنظر للحظة الخليجية الراهنة، فإن علينا اليوم أن نناقش مرحلة ما بعد الطفرة النفطية واتجاه الدولة الريعية نحو الأفول، أي العصر الحالي (القرن الحادي والعشرين) بما له من سمات وما يحتضنه من تأثيرات ظواهر أخرى كالعولمة وثورة المعلومات والتطور الهائل في معطيات شبكة الانترنت ومختلف وسائل التواصل الحديثة عبرها. هذه التأثيرات باتت تشكل ثقافة جديدة للأجيال خاصة الشباب منهم، وهي ثقافة يصعب تعميم وسمها بالمشوهة بقدر ما هي وليدة عصرها ومشابهة له. اليوم أخذت تتشكل لدى فئات شبابية آخذة في الاتساع ثقافة تقدير قيمة العمل وعدم ازدرائه وكلٌ يبحث بنفسه عن سبل تحقيق ذاته.

  يضيف المؤلف أن بعض الأنظمة لجأت إلى الاستناد في شرعيتها على الولاءات القبلية والعشائرية والمذهبية، وبدورها دخلت التيارات الإسلامية والسلفية في تحالفات مع الأنظمة التي وظفت تلك التيارات لصالح تقوية شوكتها. وبهذا ظلت قوة التقليدية موجودة في تحديد مدى التطور المطلوب ومستواه، عند حدود السطح الخارجي.

 في ختام مدخله يتطرق المؤلف لما ذهب إليه في العنوان الأساس للكتاب “حداثة ظهرها إلى الجدار” موضحاً جوانب المعنى الذي يقصده. يقول: إن الحداثة عندنا ما زالت تتكئ على جدران، أي على الجانب العمراني المظهري والعمران يقف حائط صد أمام الحداثة لأنهم يقولون هو الحداثة وهو ليس كذلك. ويضيف أن البنى التقليدية تدفع بالثقافة نحو الجدار لتبعدها عن التأثير المجتمعي، في حين يفتقر الكثير من ممثلي الثقافة إلى الجرأة في مقارعة معوقات الحداثة، لذا يظلون يحتمون بالجدار لسلامتهم.

+++

  في الفصل الأول يتطرق المؤلف لأدب الجزيرة العربية في حقب تاريخية قديمة ما قبل الإسلام وصولاً لحقبة حديثة هي تأسيس المملكة العربية السعودية. يبدأ المؤلف بإيضاح أهمية التحقيب (التقسيم إلى حقب زمنية) ونوعه في مسار الظواهر الثقافية والأدبية معتمداً رؤية طه حسين في ذلك. ويتبنى هنا نظرة علمية للتحولات المجتمعية مفادها أن التحولات الثقافية ناتج ينضج على نار هادئة للتحولات الاقتصادية والاجتماعية، مؤكداً على أن التحقيب الثقافي لا ينفصل عن أوجه التحقيب الأخرى ذات المضمون الاقتصادي والاجتماعي، بمعنى النظر للفعالية الثقافية في سياق تطور المجتمع، لكنها تتشكل في حقبة زمنية طويلة الأمد.

  ويعرض المؤلف ما دار من سجال حول “الشعر الجاهلي” كرأي طه حسين في ذلك ورأي كتاب عرب آخرين في رؤية طه حسين ومنهم أحمد راشد ثاني، وكذلك رؤية سعد الصويان، عبدالله الغذامي، ومستعرب روسي والأمريكي مونرو.

  يتحدث المؤلف عن عزلتين ثقافيتين عانتهما الجزيرة العربية، الأولى منذ ما قبل الإسلام مُرجعاً ذلك لعوامل التضاريس الطبيعية(الصحراء والمرتفعات الوعرة) وغياب التدوين مما يعيق الإمساك بالسمات الثقافية عدا الشعر في اعتماد بقائه ونقله على الحفظ. ويعرض مختلف الرؤى التي تناولت الواقع الثقافي في تلك الحقبة كرؤية طه حسين، أحمد أمين، أحمد زكي عبدالسلام، شكيب كاظم وغيرهم. ويذكر أن الإسلام كسر تلك العزلة، لكنها تعززت ما بعد حكم الخلفاء الراشدين وانتقال المركز السياسي والحضاري إلى مناطق أخرى كالشام وبغداد وغيرها.

  الفصل الأول يتوفر على غنى في المعلومات التي ساقها المؤلف حول طبيعة الفنون والآداب في قلب الجزيرة العربية (نجد والحجاز) خلال المرحلة السابقة على تأسيس المملكة العربية السعودية رابطاً إياها ببيئتها وبعدها -في ظل العزلة- عن التأثيرات الخارجية رغم قدوم المهاجرين للحجاز لأداء فريضة الحج.

  ويستطرد المؤلف في التطرق تاريخياً للواقع السياسي والاجتماعي في قلب الجزيرة العربية وتأثيرات الحكم العثماني في المنطقة، واستقلالية المناطق التي كان يحكمها الأشراف الهاشميون، والصراع الدائر بين القبائل. ثم يأخذنا في سرد تاريخي مستفيض لولادة الحركة الدينية الوهابية التي وظفها الأمراء في مساعي توحيد القبائل في وحدة سياسية كاملة وتأسيس دولتهم. ويتتبع المؤلف المراحل التاريخية لتأسيس الدولة السعودية حتى توحيدها تحت قيادة عبدالعزيز بن سعود في عام 1932.  

  يفرد المؤلف جزءاً من الفصل لتبيان كيف استخدمت الدولة السعودية الحركة الوهابية ذات الأسس الفكرية الأصولية المتزمتة التي تعود لبن حنبل وابن تيمية في تأسيس وتمكين دولتها، مما أوصل الوهابية على رأس المؤسسة الدينية الرسمية وذلك ما أوقع الجزيرة العربية في عزلتها الثقافية الثانية، حيث انتعشت الاتجاهات الأصولية وتمكنت من مقاومة الحداثة واعتماد السياسة الثقافية المنغلقة.

  استعرض المؤلف سبل فك العزلة الثقافية من خلال ما كُتب حول الواقع الثقافي قبل وبعد تأسس المملكة العربية السعودية، فطرح رأيه حول ما كتبه طه حسين وأشار لما أظهره الباحث حسين محمد بافقيه من تنوع ثقافي في مناطق الجزيرة العربية وعرج على ما كتبه حمد الجاسر وعبدالله عبدالجبار وسيد علي السيد باقر العوامي.

  لم يشأ المؤلف -كما نوَّه بذلك- أن يكون كتابه تأريخاً للثقافة في المنطقة، ولم يرد الوقوع في شِراك السرد التاريخي، إلا أننا وجدنا في بعض أجزاء الفصل الأول والفصول التالية سرداً تاريخياً مستفيضاً لم يكن إيجازه ليخل بتسليط الضوء المطلوب على واقع التحولات الثقافية في بلدان منطقة الخليج العربية.

+++

  يتناول الفصل الثاني التحولات الثقافية في باقي دول الخليج العربية ما قبل اكتشاف النفط وهي الدول الواقعة على الساحل الشرقي للخليج العربي. ذلك الموقع الاستراتيجي بين الشرق والغرب أسهم بشكل كبير في عدم عزلتها وجعلها من جهة أخرى عرضة لأطماع القوى الاستعمارية التي تنافست على الهيمنة عليها.

  يذكر المؤلف أن الانجليز لم يسعوا لتطوير حياة تلك المجتمعات ولا ثقافتها واتبعوا سياسة الإبقاء على الوضع القائم. هنا يمكن الإشارة إلى أن مصالح سلطات الحماية البريطانية في هذا البلد أو ذاك تطلبت أحياناً إجراء بعض التطوير في البنية التحتية. ولا يمكن إنكار أن ذلك التطوير كان ممراً عبرته دول المنطقة نحو التحديث والتطوير وله نتائجه الإيجابية اجتماعياً وثقافياً. وليس أدل على ذلك من التطوير الذي أجري في البحرين والكويت وعمان، بل ذهبت سلطة الحماية البريطانية في البحرين أبعد من ذلك بمباشرة إصلاحات طالت حتى الحُكم والقوانين لتمكين هيمنتها على هذه البقعة التي كانت تصطخب بالصراع الاجتماعي الطائفي.

  ينوِّه المؤلف بأن بلدان المنطقة لم تكن خالية من الثقافة والأدب قبل النفط ولا من المثقفين الذين تواصلوا بالرسائل وانتقلوا بين البلدان الخليجية بحثاً عن أجواء منفتحة مجتمعياً وثقافياً يستطيعون فيها أن يحققوا ذواتهم وأهدافهم. ويطرح أثر نشاط البعثات التبشيرية في الدفع بالحراك الثقافي في المنطقة كرد فعل مناهض لذلك النشاط. كما يتطرق لروافع التحولات الثقافية مبيناً أن النهضة الثقافية والتعليمية ومؤسساتها بدأت في دول الخليج العربية بمبادرات وجهود أهلية. وسبقت البحرين والكويت دول الخليج الأخرى في حراكهما الثقافي.

  يستعرض المؤلف الأندية الأدبية والثقافية الأولى في بلدان المنطقة وظروف تأسيسها بادئاً بالبحرين التي تأسس بها نادي اقبال أوال سنة 1913 وليس 1920 كما ورد، فحين شعر مثقفو البحرين أن مكتبة الارسالية الأمريكية قد أخذت تستقطب القراء من الشباب فكروا في إنشاء مكتبة يديرونها بأنفسهم. وافتتحت المكتبة سنة 1913 في دكان كبير، ولم تلبث أن تحولت في العام ذاته إلى نادي عُرف بنادي “إقبال أوال” الذي لم يطل بقاؤه سوى بضعة أشهر ليصدر أمر بإغلاقه. في العام ذاته 1913 وتعويضاً عن إغلاق نادي “اقبال أوال” أنشأ التاجر مقبل عبدالرحمن الذكير “النادي الأدبي الإسلامي” في موقع مقابل تماماً لمكتبة الإرسالية الأمريكية، وظل النادي ناشطاً حتى سنة 1917 حين اضطر الذكير لإغلاقه لصعوبات مالية.

  قبل أن ينتقل المؤلف لتأسيس النوادي الثقافية والأدبية في باقي بلدان الخليج خصَّ البحرين بما عنونه سجالات الحداثة الأولى حيث أتت رياح مناقشات التوفيق بين الدين والعلم من مصر فتلقفها مثقفو البحرين، حيث ألقى الشيخ محمد صالح يوسف محاضرته الشهيرة حول الإصلاح الديني في نادي اقبال أوال، وتجرأ ناصر الخيري على طرح أسئلته التي وجهها للمجلات العربية والتي لم تقتصر على جوانب في الحياة والدين بل تناولت حتى الإصلاح السياسي.

  عرض المؤلف ما طرحه عدد من الباحثين الكويتيين مثل خليفة الوقيان وأحمد البغدادي وعبدالعزيز الرشيد ومحمد الرميحي حول طبيعة المجتمع الكويتي وبنيته الثقافية فترة ما قبل النفط. واستخلص أن الكويت كانت أقرب للمجتمع البحري الحضري من مجتمع البداوة، وأنها رفضت منذ البدايات الدعوة السلفية الوهابية وواجهتها. وذكر أنه في عام 1913 تأسست الجمعية الخيرية الكويتية أول جمعية خيرية في الخليج وتأسس النادي الأدبي الكويتي عام 1924. الكويت واكبت البحرين في تأسيس مؤسساتها الثقافية الأولى، حيث مهدت الظروف الاقتصادية والاجتماعية في كلي البلدين لبدء ذلك الحراك الثقافي المبكر.

  نوَّه المؤلف بأن التعليم كان على رأس أولويات رواد النهضة الثقافية في بلدان الخليج، وقد بدأ أهلياً في كافة بلدان المنطقة مع الاختلاف في سنوات البدء. كما بدأ التعليم النظامي الرسمي في الكويت والبحرين منذ بداية العقد الثاني من القرن المنصرم في حين تأخرت باقي بلدان الخليج إلى العقدين الرابع والخامس من القرن.

  تطرق المؤلف لأثر الصحافة العربية التنويري في بلدان المنطقة مركزاً على الحال البحرينية، وتبع ذلك بأثر رحلات المصلحين العرب إلى بلدان الخليج مثل أمين الريحاني وعبدالعزيز الثعالبي وغيرهم. وعرض تجارب بلدان المنطقة في تأسيس صحافة محلية متتبعاً ذلك منذ العهد العثماني في الجزيرة العربية كصحف: الحجاز والقبلة وأم القرى، إلى مجلة الكويت أول مجلة في الخليج عموماً ومن ثم جريدة البحرين إلى صحف الحائط في الامارات وصحيفتي النجاح والمرشد في عمان.

+++

  خصص المؤلف الفصل الثالث من الكتاب لدور الهند كنافذة ثقافية أولى لدول الخليج العربية، وهي التفاتة حصيفة من المؤلف وتغطية متفردة لتأثيرات الهند الثقافية على بلدان المنطقة. والمثير للاهتمام عناية المؤلف بتسليط الضوء على الهجرة الهندية القديمة لمنطقة الخليج والتمييز بينها وبين الهجرة الحالية التي تشهدها بلدان المنطقة للعمالة الهندية. الهجرة السابقة كانت لأثرياء الهند الذين حملوا معهم ثقافة المدنية والتحضر وأحدثوا تلاقحاً ثقافياً مع بلدان المنطقة مما لا يزال باقياً حتى اليوم في لغة وفنون ومطبخ وعمارة بلدان الخليج العربية. أما العمالة الهندية الحالية الآتية من بيئات فقيرة ومعدمة فلم تستطع التأثير على الثقافة الخليجية كونها مقيمة بشكل مؤقت غير ثابت ملتهيةً بكسب رزقها وتحويل مدخراتها لذويها في الهند.

  على صعيد موازٍ يسهب المؤلف في عرض تجارب هجرة الشخصيات الخليجية إلى الهند وتفاعلها معيشة ووعياً وفكراً مع معطيات الثقافة والتطور الفكري والثقافي في الهند. وبالطبع كان على رأس أسباب الهجرة الخليجية إلى الهند ممارسة النشاط التجاري البيني، لكن المثقفين الخليجيين وجدوا في الهند ساحة حرة مفتوحة ينهلون منها المعارف ويمارسون نشاطهم الفني والأدبي والفكري في حرية تامة، فمنهم الشعراء وأبرزهم عبدالله وخالد الفرج من الكويت وإبراهيم العريض من البحرين، ومنهم الموسيقيون كالعماني راشد سالم الصوري، والمؤرخون كالسعودي سليمان بن صالح الدخيل، والمسرحيون كالسعودي إبراهيم القاضي، والمترجمون كالعماني محمد أمين بن عبدالله البستكي وغيرهم عديدون أتى المؤلف على تفاصيل تجاربهم الحياتية والثقافية ما قبل الهجرة للهند وخلالها وما بعد عودتهم لأوطانهم.

  وما يجدر ذكره أن بعض الخليجيين من النشطاء السياسيين الراغبين في التغيير وصلوا الهند التي كانت تحت الهيمنة البريطانية منفيين من قبل السلطات البريطانية مما أغنى تجاربهم وفكرهم وحراكهم السياسي. ذكر المؤلف مثالاً عبدالوهاب الزياني من البحرين، ونضيف عليه سعد بن عبدالله الشملان الذي نفاه الانجليز إلى الهند سنة 1923 لأربع سنوات، ثم كان نفيه الثاني إلى الهند على إثر مشاركته في حركة 1938.

+++

  خصَّ المؤلف وطنه البحرين بالفصل الرابع كمثال على دور المثقفين في معترك التغيير، وبدأه بما ذهب إليه المفكر محمد جابر الأنصاري بأن البحرين مثلت حالاً ثقافية مشرقية تنتمي بمتابعاتها وتفاعلاتها واهتماماتها لبلدان المشرق العربي أكثر من كونها حال خليجية. ينوِّه المؤلف بأن الحركة الثقافية والأدبية في بلدان الخليج الأخرى تحقق اليوم مستوى البحرين بل وتتفوق عليها في بعض الحالات.

  نوافق طرح د. الأنصاري حول ما كانت عليه الحال البحرينية مطلع القرن العشرين ونقرن معها في آن الحال الكويتية، واضعين في الاعتبار أن الجهد الثقافي في كل من البحرين والكويت كان بمنجز المثقفين أنفسهم. حالياً فإن مساحة ليست بالقليلة من المنجز الثقافي في بلدان الخليج عموماً تأتي بإرادة ودعم وأحياناً بشروط الأجهزة الرسمية.

  يربط المؤلف تطور التاريخ الثقافي في البحرين بتاريخ تياراتها الفكرية والسياسية الأساس، وهي: الجيل ذو النزوع الإسلامي وبرز فيه بداية ناصر الخيري الذي ثمن المؤلف دوره ورآه شجاعاً في مقارعة كل ما عدَّه معيقاً للتجديد والتحديث، الجيل ذو النزوع القومي العربي وهو جيل الخمسينيات الذي تفاعل مع الثورة المصرية والناصرية، والجيل الثوري ذو النزوع اليساري جيل الستينيات والسبعينيات الذي تفاعل مع الفكر الماركسي وتبناه.

  سلط المؤلف الضوء على دور الصحافة البحرينية ما بعد اكتشاف النفط بادئاً بمجلة “صوت البحرين” التي صدرت عام 1951، وفي واقع الأمر فإن الصحافة البحرينية بمجملها بدأت ما بعد اكتشاف النفط وبدء صناعته، فجريدة “البحرين” التي صدرت عام 1939 كانت هي أول مطبوعة أسبوعية صدرت في البحرين بعد اكتشاف النفط بعدد من السنين. نلتمس العذر هنا للمؤلف في إبرازه لمجلة “صوت البحرين” بالنظر للدور الحداثي الكبير والمهم الذي لعبته المجلة التي -وفق المؤلف- أضفت البعد الثقافي على العمل الوطني. لذلك أفرد المؤلف مساحة تستحقها “صوت البحرين” مستشهداً بمقالات ومساجلات أهم كتاب المجلة مثل حسن الجشي، يوسف الشيراوي، علي فخرو وغيرهم. بالإضافة لما نشرته المجلة لكتاب خليجيين وكتاب من المنطقة العربية.

  استعرض المؤلف الأندية التي تأسست ما بعد اكتشاف النفط والتي كان غالبها مؤسسات ثقافية تضم النخب الشبابية، كالنادي الأهلي ونادي العروبة والأندية التي أسسها ناشطو اليسار البحريني. ثم انبرى لإعطاء نبذ عن قيام ودور التيارات والتنظيمات السياسية كهيئة الاتحاد الوطني وجبهة التحرير الوطني البحرانية وحركة القوميين العرب وتحولاتها. ثم انتقل للتنظيمات الإسلامية وسلط الضوء تاريخياً على ظروف قيامها وأدوارها كتنظيم الأخوان المسلمين وحزب الدعوة وتحولاته.

  تطرق المؤلف لمسألة المثقفين والديمقراطية باعتبار أن المثقفين في مقدمة من يعنيهم التحول الديمقراطي وباعتبار أن الثقافة لتتطور تحتاج لمناخ من الحرية. وفي ذلك بيَّن طبيعة مطالبة التيارات الوطنية بالديمقراطية، ففي مرحلة المطالبة بانتهاء الحماية على البحرين جاء مطلب الديمقراطية ضمن مطالب الحرية والعدالة الاجتماعية والوحدة العربية. ولم يستطع التيار الليبرالي أن يقدم نفسه بخطاب يعطي الديمقراطية أولوية مطلقة. ثم أصبح الخط الديني يطالب أيضاً بالديمقراطية دون المساس بمنطلقاته الفكرية.

  سلط المؤلف الضوء على المقصود بمقولته “البرهة الوطنية محدودة المدى” في التاريخ البحريني التي تجاوزت فيها الحركة الوطنية التحدرات الطائفية والاثنية مشيراً إلى محطتين حققتا ذلك هما مرحلة نضال حركة هيئة الاتحاد الوطني ومرحلة نضال التنظيمات اليسارية منذ خمسينيات القرن المنصرم حتى سبعينياته. أما بعد ذلك ومع انبعاث الهويات الفرعية برزت معضلة عدم قدرة المثقفين ممن لا يملكون الحصانة الفكرية اللازمة للتحرر من التخندقات المذهبية والفئوية. والملاحظ أن تلك ظاهرة طالت وبشكل فاقع الكثيرين إبَّان حراك 2011 وما بعده ولا تزال باقية ومهيمنة لليوم.

  ينطلق المؤلف لمناقشة ما أسماه: تعدديتنا النافية للتنوع، حيث يوضح أنه مع الدخول في الألفية الثالثة وإعلان المشروع الإصلاحي برزت جمعيات سياسية متنوعة بلورت تعدديات سياسية واجتماعية قائمة لكنها ليست صحيحة لأنها تنفي التنوع الموجود في المجتمع وفي داخل الطائفة الواحدة، وذلك ما وظفته الدولة في وجودها وإحكام سلطتها على المجتمع، في حين أن التنوع والحفاظ عليه هو أساس وحدة المجتمع. ويمكن الاشارة هنا إلى أنه ما بعد 2011 ورغم تناقص وجود الجمعيات السياسية المتنوعة كمحفز للانحيازات، لا يزال نفي التنوع قائماً ويتم توظيفه، وسنحتاج لمدى زمني قد يطول للتحرر من ذلك.

 ينهي المؤلف الفصل بالتطرق لشريحة التكنوقراط موضحاً اقتصارها في العموم على عملها في مجالات تخصصها وعدم التماس بينها وبين القضايا الاجتماعية أو الثقافية في حياة المجتمع.

+++

  يختتم المؤلف كتابه القيم بما استخلصه من تحديات وخرج به من خلاصات تنطبق في غالبها على الواقع العربي عموماً، فيبدأ بتحدي التباس العلاقة بين المؤسسة الثقافية الرسمية والفضاء الثقافي، حيث يجري تعميم نماذج ثقافية تروج للسطحية وحصر الثقافة في إطار نخبوي، كما تغيب الاستراتيجيات الثقافية مما يدفع بظهور المبادرات الأهلية التي إن لم تُحارب فإنها تفتقر للدعم. ويؤكد المؤلف أن الدولة ملزمة بالثقافة التزامها بالتعليم، وفي ذلك يمكن القول إن الوضع قد يسوء أكثر في ظل الاندفاعة المتكالبة على الخصخصة بدول المنطقة.

  يتحدث المؤلف كذلك عن القطيعة الحاصلة بين النظامين الأكاديمي والعمومي مشيراً لضعف النظم والمناهج التعليمية وانغلاقها على مواضيع تقليدية تنمي روح المحافظة لا روح الاكتشاف والسجال الفكري. الجامعات ليست فاعلة في الحياة الثقافية والأستاذ الجامعي غائب عن الفعل الثقافي والمجتمعي وعن التأثير فيه.

  يعود المؤلف إلى الحديث عن نمط الثقافة الاستهلاكية معتبراً إياها أحد التحديات بقوله إن الخليج أسواق مفتوحة مدمجة في الاقتصاد العالمي، والهوة كبيرة وشاسعة بين النهضة الاقتصادية-العمرانية في هذه الدول وبين تحولها الثقافي-الاجتماعي. مدن حديثة تنهض ووراءها كسل وركود في أشكال الوعي، وذلك ينتج شخصية ميالة إلى السهولة والمظهرية والاستعلاء. وفي ذلك يوضح المؤلف الفرق بين مفهوم الغرب للمجتمع الاستهلاكي ومفهومنا له.

  ينتقل المؤلف إلى تحديات ما بعد الدولة الريعية موضحاً وجه التغلب على ذلك من خلال شراكة حقيقية بين الدولة ومؤسسات المجتمع المدني. ويدعو المثقف لقراءة التحولات الجديدة واستشراف أبعادها وتداعياتها المحتملة وتحرير الثقافة من المظاهر الاستهلاكية التي طبعتها.

  ويتطرق المؤلف للمحافظة كتحدٍ موضحاً التراجع والتقهقر الجاري في فضاءات التنوير والحداثة لصالح نمو التيارات المحافظة مما يعمق المأزق البنيوي بين حداثة المظهر والعمران وبنية سياسية واجتماعية محافظة. ويذكر أن مثقفي وأكاديميي اليوم منشغلون بمسائل أبعد ما تكون عن روح العصر، وهناك رغبة في اكتساب الشرعية من الماضي. ما ذكره المؤلف هنا هو تداعيات نهوض التيارات الإسلامية بأنواعها الذي بدأ منذ ثمانينيات القرن الماضي، ولم يزل يترك تأثيراته على المجتمعات الخليجية. واقع الحال الذي يلمسه المؤلف هو تقهقر مكانة الحركات الفكرية والسياسية القومية والتقدمية وبالتالي غياب الحوامل التي تتكئ عليها الحداثة الأدبية.

  يعتبر المؤلف العلاقة مع التاريخ الثقافي تحدياً آخر داعياً إلى صياغة علاقة جديدة مع الموروث الشعبي وإلى الحاجة لدراسة التاريخ الثقافي ومعالمه من خلال منهج معرفي. ويصل إلى نتيجة أن التاريخ الثقافي في المنطقة لم يكتب بعد، وهناك ضرورة للذهاب إلى رؤية شجاعة للثقافة الوطنية بموقف أكثر اتساعاً وانفتاحاً.

 يرى المؤلف في العلاقة الملتبسة مع الحداثة تحدياً مؤكداً أنه على الثقافة الخليجية التحرر من قيدين: النزوع إلى المدرسية والانغلاق على “دوغما” بعيدة عن الواقع، والانبهار ببعض المفاهيم التي تتزيا بالحداثة وما بعدها معيقة الخروج من دائرة التخلف. ويؤكد على أن الحداثة ليست موضة ولا صنم أو قيمة مطلقة، وأن عبودية الحداثة تغيِّب الحداثة المطلوبة وتشوش المثقف وتبعده عن واقعه.

   يختم المؤلف ما استخلصه من تحديات بموضوع وسائل التواصل الاجتماعي، فيذكر أن جيلاً جديداً بات يتشكل بخصائص فكرية وسيكولوجية جديدة في ظل استخدام هذه الوسائل التي يمكنها أن تشكل رأياً عاماً حول القضايا الساخنة. ويذكر أنه يجب الانحياز للثقافة بحد ذاتها فهي المحتوى ودور وسائل التواصل الاجتماعي هو نقل هذا المحتوى للجمهور. كما ينوِّه بأن بعض ما ينشر يروج للنزعات الطائفية أو التكفيرية، وإننا في هذا الفضاء الافتراضي أمام وجه جديد من الثقافات قد يشكل مخاطر حقيقية ذات أبعاد اجتماعية وثقافية.

  من الملاحظ أن المؤلف اهتم باللفت إلى الجانب السلبي في تأثير هذه الوسائل مبرزاً بعض الأمثلة، دون أن يتناول جوانبها الإيجابية التي لا ينعكس تأثيرها على الثقافة فحسب بل على كافة مناحي الحياة الانسانية. وبتقديرنا – حين مناقشة التحديات- فإن موقع هذا التحدي هو مكان الصدارة لما أصبح له من تأثير عميق طال جميع جوانب حياة الانسان في المجتمعات الخليجية وغيرها اقتصادياً، سياسياً، اجتماعياً، ثقافياً، نفسياً، تربوياً وصحياً. ولسنا بحاجة لتبيان ما يمكن أن توفره شبكة الانترنت بوسائلها المتعددة في ميدان الثقافة، والتحدي الأهم – بتقديرنا – هو مدى قدرتنا على توظيف تلك الوسائل لتحقيق منجزٍ ثقافي حداثي ورصين سواءً في الوضع الراهن أو المستقبلي للثقافة.