مدن بحرية جديدة .. لمن ؟

0
25

لدينا فائض منها .. والبحرين تحتاج للحفاظ على البيئة

لماذا يجنح الناس إلى التشكيك أو الرفض المطلق لأغلب ما تطرحه الدولة من مشاريع تنموية حكومية؟ أهو النزوع الدائم والمعتاد والتقليدي للاعتراض؟ أم أن ذلك نابع من  احساسهم بأن تلك المشاريع لن تصب في خزينة الدولة أو في صالحهم بل سوف تستنزف الخزينة ولن تنتفع منها إلا قلة قليلة على حساب المصلحة العامة، على سبيل المثال لا الحصر، ألم يرفض الناس مشاريع الخصحصة وخصوصا في قطاعات الصحة والتعليم والإسكان التي فرضت فرضاً فوقياً دون نقاش؟

 ألم يشككوا في صحة الاستكشافات النفطية الكبرى التي رافق اطلاقها الكثير من الزخم والوعود ثم سرعان ما تلاشت، ألا يزال الناس ينتظرون المنّ والسلوى من مشروع ال”فورملا” الباهظ الكلفة على خزينة الدولة بعد سنوات من انطلاقه؟ أليس من المفترض أن تقوم مؤسسات الدولة التشريعية والبلدية وكذلك المجالس المتخصصة بدور الوسيط بين الحكومة وعامة الشعب لتبيان صحة وجدوى تلك المشاريع وإيجابياتها وسلبياتها وتطرح للنقاش العام المستفيض في الصحافة ووسائل الإعلام المختلفة المرئية والمسموعة والمكتوبة وعبر المؤتمرات الكبرى مفسحة المجال لتداولها شفافية وديموقراطية ورحابة صدر وصولاً إلى حدٍ أدنى من التوافق الحكومي الشعبي، أم أن هذه المؤسسات قاصرة ومغلولة اليد وذات بعد شكلي أو صوري؟ 

مؤخرا جالت بخاطري تلك الأسئلة حين قرأت تصريحاً جديّاً لوزير التجارة والسياحة، وعلى موقع بوابة البحرين حول البدء بدفن جزء من منطقة فشت العظم لتحويلها إلى أكبر منطقة صناعية بالبحرين، ورغم أن هذه المنصة الإلكترونية رسمية فقد جاءت الردود كلها معترضة على هذا المشروع واصفة اياه بأنه مدمر للبيئة وللحياة البحرية والثروة السمكية التي تتناقص يوما بعد يوم في وقت تسعى فيه المملكة للإلتحاق بركب الدول المتعهدة والملتزمة بحماية المناطق البرية والبحرية، والحفاظ على البيئة وتقليل التصحر والانبعاثات الكربونية وتحقيق الحياد الصفري بحلول عام 2060، وهذه جمعيها مطالب اممية تهدف إلى خلق عالم متوازن بيئياً.

والواقع أن الاعتراض على دفن فشت العظم لم يأت من قبل الناس العاديين بل جاء من اصحاب الاختصاص في البيئة وعلى اختلاف مسمياتهم، اذ غرّد الدكتور والاخصاصي البيئي اسماعيل المدني على موقعه الإلكتروني “إن هذا خبر يهم كل مواطن لعلاقته بالأمن الغذائي، لذا فإنني أطالب جهاز البيئة بنشر مستندات الموافقة على دفن رئة الثروة السمكية وهي فشت العظم، إضافة إلى نشر تقييم الأثر البيئي للمشروع الذي هو شرط البدء في اي مشروع”

.. وقد انطلق الحديث عن مشاريع هذه المدن منذ عدة أشهر وقدّمته مملكة البحرين كجزء من مشاريعها المستقبلية في (إكسبو دبي) مطلع أكتوبر الماضي، في حين تحدث اختصاصيو البيئة وقدموا رؤويتهم للحكومة حول هذا المشروع الخطير ” وقالوا ان لدى البحرين اليوم خمس مدن بحرية استثمارية في طور الانشاء أو الإكتمال وأن ثمّة توجيهات قد صدرت عام 2019 لتقنين استخراج الرمال، وأن البحرين لا تحتاج الى بناء مزيد من المدن البحرية، فلديها فائض كبير منها راهناً،  بقدر ما تحتاج الى الحفاظ على بيئتها التي دمرّت على مدى 80  عاما، وقد آن الأوان للاشتغال على استدامتها وابقاءها خضراء وزرقاء وتخدم الوطن وتنمي ثرواته الطبيعية على المدى القريب والبعيد.