عشرون عاماً من الحياة النيابية في البحرين

0
231

في التاسع من مايو 2022 الماضي تم فض انعقاد اجتماعات مجلس النواب في دورته الخامسة من قبل جلالة الملك، في أكتوبر القادم 2022 يمضي عشرون عاماً على التجربة النيابية في البحرين، قبل الخوض في التجربة وما لها وما عليها، نتساءل هل هذه ( السلطة التشريعية ) التي ناضل من أجلها شعبنا منذ العشرينيات من القرن الماضي وقدم تضحيات كبيرة من أجل وجودها في البلاد، نتوقف عند الفترة الإيجابية لتجربة المجلس الوطني من 7 ديسمبر 1973 إلى 25 أغسطس 1975، كانت فترة قصيرة ولكنها تجربة متقدمة من حيث دستور البلاد وصلاحيات المجلس الوطني، والقوى السياسية المشاركة في المجلس، وتجربة القوى اليسارية في البحرين، جاءت انتخابات المجلس الوطني بإبراز قوة الحركة الوطنية وتحديداً اليسار في البحرين وتأثيره في الشارع وارتباطه بالجماهير، عندما شارك اليسار ممثلاً في جبهة التحرير الوطني البحرانية وحلفائها من الشخصيات الوطنية التقدمية وشكَّلوا “كتلة الشعب” التي هزَّت أركان المجلس لأنها كانت صادقة مع ناخبيها من حيث الممارسة والتطبيق وفق عملها بالبرنامج الانتخابي الذي  على أساسه شاركت في انتخابات المجلس الوطني في 7 ديسمبر  1973.

شكلت تلك التجربة النيابية انعطافة تاريخية وحدثاً بارزاً في البحرين والخليج العربي قبل أن تجهض ويحل المجلس الوطني في 26 أغسطس من 1975، وتدخل البحرين في نفق مظلم حقبة سياسية ساد فيها قانون أمن الدولة وتدابير محكمة أمن الدولة ربع قرن حتى فبراير من عام 2001 الذي انتقلت فيه  البحرين إلى حقبة سياسية جديدة عرفت بميثاق العمل الوطني كانت بدايتها إيجابية تحققت فيها العديد من المكاسب الوطنية، كان المأمول بأن تجرى مراجعة للعديد من القوانين المتصلة بالحقبة السوداء في التاريخ السياسي للبحرين، لكن الذي حدث غير تلك التطلعات والآمال المعقودة على مواصلة التغيير والإصلاح السياسي، والقطار توقف عند محطة عام 2011 وقبله في بعض المحطات مما أدى إلى تراجعات كبيرة عن تجربة عام 2001، وزاد الطين بلَّة صدور العديد من القوانين والتشريعات المعيقة من خلال مجلس النواب في أكثر من فصل تشريعي خلال السنوات الماضية، بدلاً من إلغاء القوانين والمراسيم المعيقة لتحولات الديمقراطية الناشئة، وآخر تلك القوانين والتشريعات التي  صدرت عن المجلس الأخير وهي مخيبة لآمال المواطنين منها رفع زيادة ضريبة القيمة المضافة إلى 10%، الموافقة على تعديلات الحكومة بشأن التقاعد ،”وقف الزيادة 3% السنوية وزيادة نسبة الاشتراك للمتقاعدين، ورفع سن التقاعد إلى 60 سنة والمرأة تتقاعد عند اكمال 20 سنة عمل بدلاً من 15 سنة عمل سابقاً وغيرها من التعديلات”.

 هذه التشريعات والقوانين وضعف أداء العديد من أعضاء مجلس النواب، بالإضافة إلى محاباة ومسايرة  الحكومة من قبلهم، لهذا أصبح مجلس النواب فاقداً لمصداقيته لدى المواطنين، وتجرى النقاشات في المجالس ووسائل التواصل الاجتماعي عبارة (ما الفايدة من المجلس) أو (ماذا قدم للناس) و(لماذا الاستمرار في وجوده)، وغيرها من الأقوال، والناس على حق فيما يقولون، يريدون إنجازات تثلج الصدور وتسر القلوب، لا قوانين وتشريعات تخدم الحكومة وسياساتها النيوليبرالية التي تحمل الأعباء المالية على المواطنين بفرض المزيد من الضرائب ورفع الرسوم بمعنى من أموال المواطنين تحدد الموازنة المالية السنوية للدولة ،وهم ليسوا شركاء في القرار السياسي، هم فقط يحصلون على الفتات من الدولة ويعانون من تدني في الرواتب ووقف الزيادة السنوية 3% للمتقاعدين ، والموجودة حالياً  بعد الموافقة من قبل  بعض أعضاء مجلس النواب على التعديلات الجديدة للمتقاعدين، مؤقتة لعامين. لهم المعاناة والألم في ظروف معيشية صعبة.

تساؤلاتٌ كثيرةٌ تطرح وتتداول في منصات السوشال ميديا والمجالس وغيرها، هل يرشح النائب أو النواب للمرة الثانية وتحديداً  من وقف مع السلطة التنفيذية” الحكومة ” وكأن به لسان حالها ووافق على كل القوانين والتشريعات المطروحة من طرفها ، انتخابات مجلس النواب في اكتوبر أو نوفمبر 2022، هناك من النواب الحاليين من يريد أن يرشح مرة ثانية بالرغم بأنهم لم يكن أي فعل لهم في داخل مجلس النواب، وبعضهم أصبح أضحوكة وتندر عند المواطنين، لا يعرف المرء لماذا الإصرار على الترشح لمن خاب الظن بهم، مطلوب وجوه جديدة لديها الخبرة السياسية والاقتصاديه ومعرفة بالقوانين والتشريعات، مهمتها الرقابة والتشريع ومحاسبة السلطة التنفيذية على أدائها وليس الدفاع عنها، لابد من أهمية وجود فصل مابين السلطات الثلاث وكل سلطة تعرف صلاحياتها ومهامها، وكتل نيابية قادرة على تطبيق برامجها الانتخابية مثلما فعلت “كتلة تقدّم.”

في الدفاع عن قضايا وهموم المواطنين وكان أداؤها مميزاً داخل مجلس النواب قام أعضاؤها بالواجب الوطني بالتصدي إلى القوانين والمشاريع الحكومية التي تشرع لصالح الحكومة وليس لصالح المواطنين، كانت مهمة صعبة، في ظل اللائحة الداخلية الحالية والصلاحيات التشريعية المعيقة وقلة من النواب وقفوا معهم عندما تطرح المشاريع الحكومية وفي كيفية التصدي لها، وعدم تمريرها لأنها لا تلبي تطلعات المواطنين، أن يكون المرء  في مجلس النواب مهمة ليست سهلة وبالأخص في ظل المعوقات ( قلة الصلاحيات) والتحديات كبيرة، نضال وطني برلماني في أهم سلطة من السلطات الثلاث ( التشريعية والتنفيذية والقضائية)، السلطة التشريعية. 

هل تتطور التجربة وتكون نسبة المشاركة للقوى السياسية أوسع، لكي يكون تأثيرها اكثر في المجلس بالأخص عندما تتواجد كتل نيابية وشخصيات سياسية تعمل من أجل الناس، وتعمل من أجل التغيير والإصلاح السياسي والتصدى للفساد والفاسدين وسارقي المال العام .

 أسهل شيء بأن تقاطع وأصعب شيء المشاركة والمواجهة من داخل قبة البرلمان، وإفشال المشاريع والقوانين المعادية للمواطنين، هل يرفع العزل السياسي عن شريحة واسعة من المواطنين  وتتوسع نسب  المشاركة، وتتعدد الكتل النيابية المعارضة في داخل مجلس النواب القادم ؟