الحكومة وسياسة الهروب للأمام

0
8

خلال مناقشات الجلسة ما قبل الاخيرة من الشهر الاخير من السنة، وفي معرض تعليقاتهم على ردود الحكومة على ما مجموعه 28 مقترحاً برغبة، جاءت تعليقات ومداخلات النواب غاضبة على معظم اجابات الحكومة التي جاءت إما مكررة او سلبية، خاصة إذا ما علمنا أن النسبة الأغلب من تلك المقترحات جاءت مرتبطة بقضايا توظيف البحرينيين في تخصصات حيوية كالطب والهندسة والقانون والتمريض وطب الاسنان والعلاج الطبيعي وغيرها.  

بطبيعة الحال لم تكن  ردود الحكومة تلك هي الأولى من نوعها، بل أن اغلب ردود الحكومة على مقترحات النواب عادة ما تأتي إما سلبية أو أنها لا تقدّم جديداً، والسؤال هنا هو: لماذا  تستمر الحكومة في التعاطي بمثل هذه السلبية المفرطة وغير المبررة، خاصة بالنسبة لقضايا حيوية تتعلق بحقوق دستورية وخدماتية أساسية للمواطنين، كالبطالة والوضع المعيشي والخدماتي وغيرها؟!

وبعيداً عن تلك الردود،  فإننا جميعا في مملكة البحرين أمام تحديات كبيرة وعلى مختلف المستويات في ظل ظروف محلية واقليمية ودولية، سياسية واقتصادية وأمنية غاية في التعقيد، وهي لذلك تتطلب من الجميع وفي مقدمتهم الحكومة بطبيعة الحال، الانتباه لمآلات ترك الكثير من قضايانا معلقة الى ما لا نهاية، فالمشاكل لن تُحل هكذا من جراء ذاتها وإنما تحتاج إلى تعاط مختلف وارادة سياسية واعية تضع في مقدمتها اولوية الاقرار بوجود تلك التحديات وضرورة معالجتها أمام مشارط الفحص والعلاج، وهذا بطبيعته يتطلب تعاملاً مغايراً عما هو قائم ومنذ سنوات بل أقول منذ عقود.

 فقضايا مثل أولوية التوظيف للبحريني  والاسكان وتراجع المستوى المعيشي واهمال اصحاب التخصصات العلمية وفوضى سوق العمل  وفساد صناديق التقاعد والتعيينات الإدارية غير المستندة في غالبيتها إلى الكفاءة، وغيرها من القضايا لا يمكن أبداً أن تصمد أمام ما تمارسه السلطة التنفيذية من هروب مستمر إلى الأمام.  نعتقد ان القضايا التي نشير لها هنا في غالبيتها ليست عصيّة على الحل، ولنا في غالبية دول الجوار أمثلة عديدة وناجحة يمكن الاحتذاء بها، أو على الأقل تطويرها كحلول مستدامة، يمكن أن  تتناسب مع طبيعة سوقنا المحلي، بدلاً من الإيحاء الواهم دائماً وأبدا، إننا نسير باتجاه إحلال المواطنين كأولوية في مختلف الشركات، خاصة  تلك المندرجة تحت مظلة ممتلكات، الشركة القابضة التي تدير  أكبر وأهم صندوق سيادي على مستوى الوطن، وكذلك على مستوى القطاع الخاص بأكمله، أو أن مشاريع إصلاحات سوق العمل تسير في الاتجاه الصحيح، أو أن المشاريع الإسكانية تلبي طموحات المواطنين كماً ونوعاً، وأن معدّلات النمو ترتفع والاقتصاد يتعافى ..الخ.

خلاصة القول، إننا بالفعل أمام تحديات كبيرة لن تجدي معها بكل تأكيد ما تقدّمه الحكومة حتى الآن من  مبادرات مسلوقة سرعان ما تتلاشى وتضيع معها تلك الملايين المرصودة لها دون أن تكلف الحكومة نفسها عناء لنظر في مسببات ذلك التلاشي والهدر المستمر في المال العام دون نتائج ملموسة!!