الشباب هم الفئة الأكثر حماساً وحيويةً وعطاءً، هم الفئة التي يرتقي بها الوطن في الميادين المتعددة، فالاهتمام بهم مهمة ليست سهلة، فهم الحاضر والمستقبل للوطن، لهذا يسعى الجميع لكسبهم، دولاً وأحزاباً وجماعات وغيرها. يقول لينين: “الحزب الذي لديه الشباب يكسب المستقبل”. كما يدعو لينين إلى أن يتمثل وجدان الشباب الماركسي جميع المعارف التي اكتسبها كافة، “فلا ينبغي أن تكتفوا بمجرد استيعابها، وإنما تستوعبوها بفكر ناقد، لكيلا تلبكوا أدمغتكم بعلم جميع الوقائع التي لا يمكن للمرء بدون معرفتها أن يكون اليوم إنساناً مثقفاً”.
الشباب لديهم الطاقات والإمكانيات الهائلة، لذا يجب الاستفادة منها في خدمة الوطن والشعب، ومن هنا اهتمت جبهة التحرير الوطني البحرانية بالشباب ونظَّمتهم في صفوفها وشكَّلت المنظمات الجماهيرية كرديف للجبهة، ومن خلال تلك المنظمات يكتسب الرفاق الشباب الخبرة والتجربة، عندما يلتحقون بالجبهة، فأسَّست في منتصف ستينيات القرن الماضي شبيبة جبهة التحرير الوطني البحرانية، وفي 16 مارس عام 1968 أسَّست الاتحاد الوطني لطلبة البحرين في الداخل، وأصدر نشرة باسم (صوت الطلبة)، كما نشط في صفوف طلبة المدارس بكل مراحلهم، حيث لم تكن توجد وقتها جامعة في البحرين .
منذ السنوات الأولى تعرّض كوادر الاتحاد للاعتقال والسجن، ولكن دوره الأبرز كان في الإضرابات والاحتجاجات الطلابية في المدارس الثانوية والإعدادية في فبراير من عام 1973، عندما طالب الاتحاد ببعض المطالب النقابية والطلابية بينها شرعيّة العمل النقابي الطلابي في البلاد، إعطاء الطلبة دور ثاني في حالة الرسوب في مادة أو مادتين في التوجيهي، بدلاً من إعادة السنة من جديد، تحسين الخدمات الطبية لتلاميذ المدارس. قُمِعَت تلك التظاهرات الطلابية وفُصِل ستة طلاب، غالبيتهم من قادة الاتحاد من المدرسة بشكل نهائي، فيما أوقف البعض الآخر لمدة أسبوع وأسبوعين من كوادر وأنصار الاتحاد. بعد تأسيس الاتحاد الوطني لطلبة البحرين في الخارج، في الخامس والعشرين من فبراير 1972 نشط في صفوفه أعضاء اتحاد الداخل، ممن أصبحوا يدرسون في الجامعات العربية والأجنبية في خارج البحرين.
إبَّان فترة المجلس الوطني المنتخب في السابع من ديسمبر 1973، تمّ دمج الاتحاد الوطني لطلبة البحرين في الداخل مع شبيبة جبهة التحرير الوطني البحرانية، وأُعلِنَ عن تأسيس اتحاد الشباب الديمقراطي البحراني، المعروف باختصار “أشدب” في السادس عشر من مارس عام 1974، فنشط في صفوفه الشباب العمال والطلبة وسائر الشباب في بلادنا، وشكّل رافداً فعالاً ومهماً لجبهة التحرير الوطني، ولقد صدرت له نشرة ” الشبيبة ” في الداخل وهي النشرة المركزية لأشدب، توزع في مواقع العمل المختلفة والمدارس وغيرها من الأماكن، وفي خارج البحرين صدرت له مجلة مركزية أخرى باسم “طريق الشباب” تنشر فيها الدراسات والأخبار وأنشطة منظمات أشدب في الخارج، كما تصدر منظمات أشدب الطلابية في الخارج نشرات دورية. كان أعضاء أشدب وأصدقاؤه نشطين في صفوف فروع الاتحاد الوطني لطلبة البحرين في الخارج، يشاركون في الفعاليات والأنشطة التي ينظمها الاتحاد، وينسجون العلاقات الرفاقية مع العديد من المنظمات والاتحادات الشبابية الديمقراطية والتقدمية والشيوعية العربية والأجنبية.
في عام 1976أصبح أشدب عضواً في اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي “وفدي”، كما شارك أعضاء أشدب في المؤتمرات والمهرجانات الشبابية والطلابية العالمية التي ينظمها وفدي مع اتحاد الطلاب العالمي، وفي عام 1978 طرح أشدب برنامج (التمثيل النسبي) في أطر الاتحاد الوطني لطلبة البحرين، لكي لا تحرم الأطراف الطلابية من التمثيل النقابي والإداري في مجالس إدارات فروع الاتحاد، وإن كانت لها أقلية في هذا الفرع أو ذاك، ففي الفروع التي توجد أغلبية طلابية لأشدب تم تطبيق التمثيل النسبي بشكل غير مباشر، كان أشدب حريصاً على تعزيز الوحدة الطلابية بالممارسة والتطبيق، ويرى في الخلافات الطلابية إضعافاً لوحدة الاتحاد الوطني لطلبة البحرين، ومن جهة أخرى حرمت الحكومة العشرات من الطلبة الجامعيين أعضاء “أوطب” من مواصلة دراستهم الجامعية بسبب الاعتقال و المنع من السفر وسحب الجواز، كما شكَّلت الحكومة الأندية الطلابية منذ عام 1976، في بعض البلدان لمواجهة فروع “أوطب” .
كان أعضاء وأصدقاء أشدب ينظمون الاحتفالات الوطنية السنوية في ذكرى “يوم الطالب البحريني” في 25 فبراير، ذكرى تأسيس الاتحاد الوطني لطلبة البحرين في الخارج، و ذكرى انتفاضة مارس 1965 المجيدة، وذكرى يوم السابع من ديسمبر، يوم التضامن العالمي مع الشعب البحريني آنذاك، وهو يوم الانتخابات النيابية الأولى في تاريخ البحرين في عام 1973، التي فازت فيها “كتلة الشعب” اليسارية بثمانية مقاعد من أصل اثني عشر مرشحاً للكتلة، المشكَّلة من جبهة التحرير الوطني، والاحتفال بذكرى تأسيس “جتوب” في الخامس عشر من فبراير عام 1955، و الاحتفال بذكرى تأسيس ” أشدب ” في السادس عشر من عام 1974، كان أعضاء وأنصار أشدب في تلك السنوات الماضية بالمئات يحلمون بوطنٍ ديمقراطي وبأن تتحقق فيه الديمقراطية الحقيقية وتسود فيه الحريات العامة والمساواة والعدالة الاجتماعية والسلم، وطن عماده وركائزه تقوم على سواعد أبنائه الشباب بُناة الحاضر والمستقبل، كانت أحلامنا كبيرة .
مثلّت منظمات اتحاد الشباب الديمقراطي البحراني في داخل البحرين وخارجها البحرين الرافد العمالي الشبابي والطلابي لجبهة التحرير الوطني البحرانية ورفدت الجبهة بالمناضلين والكوادر الحزبية النشطة والمؤهلة، فحتى يصبح المناضل مرشحاً للتنظيم في جبهة التحرير لا بد أن يمرَّ بفترة ترشيح واختبار طويلة يتمّ فيها تأهيله وتثقيفه وتدريبه على ممارسة النقد والنقد الذاتي والتثقيف الذاتي والعمل في وسط الجماهير من خلال (أشدب).. ولم يكن بالضرورة أن ينتهي كل منتسب لـ (أشدب) إلى أن يكون عضواً في جبهة التحرير؛ فقد لا تكون قدرات الرفيق وإمكانياته تسمح له بالالتحاق بالعمل الحزبي، وهنا يجري في الغالب الاحتفاظ به في إطار العمل الشبابي، غير أن الكثير من قيادات أشدب صارت فيما بعد من القيادات البارزة في الجبهة، ولاحقاً في المنبر التقدمي، رغم الخسائر التي تسببت بها الضربة الموجعة التي تعرض لها تنظيم الجبهة في صيف عام 1986 من قبل جهاز الأمن بقيادة المقبور آيان هندرسون، والتي شملت قادة وكوادر أشدب واستشهد فيها رفيقنا الدكتور هاشم إسماعيل العلوي، وبالرغم من الظروف الصعبة واصل “أشدب” مسيرته النضالية الحافلة بالأحداث والمواقف الوطنية والشبابية، كمنظمة شبابية تقدمية يضمّ كلا الجنسين في عضويته الشباب الطلبة والعمال والموظفين والفنانين والمبدعين وسائر فئات الشباب.
أولى (أشدب) في برنامجه أهمية كبرى لقضية الدفاع عن قضايا الشباب في البحرين في الدراسة والعمل والسكن، وتحقيق مطالبهم والدفاع عن مصالحهم، وتربية الشباب تربية وطنية وأممية، ووفَّرَ البعثاتِ الدراسيةَ الجامعيةَ لأبناء العمال وسائر الكادحين في البلاد، الذين لا يستطيعون مواصلة تعليمهم الجامعي على نفقة أهاليهم بسبب الفقر والعوز ولكي لا يحرموا من الدراسة الجامعية يتم ابتعاث المئات منهم للدراسة في جامعات الاتحاد السوفياتي والدول الاشتراكية سابقاً من قبل جتوب وأشدب، وتخرجت أعداد كبيرة منهم من جامعات تلك الدول في الطب والهندسة والحقوق وغيرها من التخصصات الأكاديمية .
في الذكرى الخمسين لتأسيس أشدب “اليوبيل الذهبي”، نستذكر رفاقنا الأوائل الذين أسَّسوا أشدب والذين ناضلوا إبَّان حقبة قانون أمن الدولة، ويبقى خالداً في القلوب من رحل منهم عنا، ونعتز بأننا تلقينا دروسنا الأولى في العمل الحزبي والشبابي والسياسي والفكري في مدرسة أشدب، وخلال تلك السنوات تطورت مهاراتنا وقدراتنا الفكرية والسياسية من أجل الدفاع عن مطالب شعبنا في الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحريات العامة واحترام حقوق الإنسان.