تَقُولُ الفَتاةُ الصَّغِيرَةُ جُعْنا

0
16

تَقُولُ الفَتاةُ الصَّغِيرَةُ

جُعْنا جُعْنا

سَأَحْكِي لَكُمْ دُونَما خَجَلٍ

عَنِ الحُمَّيْضِ.

وَعَنْ خُبْزِنا الـمُرِّ  

عَنِ البَرْدِ وَالخِيَمِ الطَّائِرَة.

عَنِ الجُوعِ يَقْصِفُ أَيَّامَنا

عَنِ الماءِ يَدْخُلُ أَجْسادَنا النَّائِمَة.

عَنِ الوَحْشِ وَهْوَ يُزَلْزِلُ كُلَّ الـمَدِينَة

فَتَغْدُو رُكام

وَتَغْدُو الطُّفُولَةُ شِبْهَ اتِّـهام

مُلاحَظَةٌ هامَّةٌ: اشْتَقْتُ لِلْخُبْزِ جِدّاً

تَقُولُ الصَّبِيَّة ُ

في مَطْلَعِ الحُبِّ جِئْتُ إلَيْهِ  

في البَدْءِ كانَ النَّبْضُ

عَفْواً في البَدْءِ كانَ الـمَوْتُ

الحَياةُ قاسِيَةٌ

رَأَيْتُ الجَنائِزَ تَرْقُصُ في ساحَةِ الـمَدْرَسَة.

وَالطَّباشِيرُ تَكْتُبُ أُغْنِيَةً لِلشَّهِيدِ

وَالـمُعَلِّمُ يُرَدِّدُ تِلْكَ الحُرُوفَ

فَ وَلَ وَسِ وَطِين وَيَبْكِي

كَيْفَ أُصالِحُ نَفْسِي إذَنْ

وَكَيْفَ أُرَمِّمُ كُلَّ الدَّمارِ الَّذِي داخِلِي

رَأَيْتُ بِعَيْنَيَّ كَيْفَ تَطِيرُ القَذائِفُ

تُطَيِّرُ كُلَّ الحَياةِ وَتَأْخُذُ مِنِّي الحَبِيبَ

رَأَيْتُ الجَثامِينَ في عَرَباتِ الخُضارِ

وَرَأْسَ امْرَأَةٍ يَتَدَلَّى لِيَسْقُطَ في حُضْنِ أُخْرَى

فَعُذْراً إذا ما سَأَلْتُ كَيْفَ أُرَمِّمُ هَذِي الحَياة؟

يَقُولُ العَجُوزُ الَّذِي هَزَّ قَلْبِيَ

سَبْعُونَ عاماً، سَبْعُونَ عاماً

وَما ذُقْتُ شَيْئاً مِنَ النَّوْمِ

سَبْعُونَ عاماً وَنَيِّف.

وَنَحْنُ عَلَى وَضْعِنا نَسْتَغِيثُ

أُرِيدُ لِحافاً عَنِ البَرْدِ

تَعِبْتُ مِنَ الحُلْمِ وَما عُدْتُ أَرْغَبُ في النَّوْمِ

أُرِيدُ عِناقاً طويلاً لِأَنْسَى بِهِ عَجْزَ قَلْبِي

وَأَنْسَى بِهِ الأُمْنِياتِ.

تَـمَنَّيْتُ أَنْ تَنْتَهِي الحَرْبُ

وَها أَنَذا أَنْتَهِي

تَقُولُ حِكايَةُ تِلْكَ الفَتاةِ الصَّغِيرَةِ

هَلْ مِنْ نِهايَةٍ فَأَضْحَكَ

ثُمَّ أَمُدَّ لِحافِي لِوَجْهِي وَأَدْخُلَ في الحُلْمِ؟