مشكلة الفقر والتنمية

0
10

ما الذي يحصل للبحرين لكي تتراجع تنموياً، حيث في أوائل 2006 انشغلت بتنظيم البحرين تنموياً ضمن برنامج (المشروع الإصلاحي)، وذلك للحفاظ على دورها الريادي في الاقتصاد الوطني، وحيث أن للبحرين تاريخ عريق وطويل في الإطار التنموي يشجع على الاستمرارية والتطور بسلاسة. كانت البحرين هي السباقة في المنطقة، وكانت حافزاً للتطور الاقتصادي التنموي في الدول الخليجية المجاورة، قطر وعمان والإمارات، حيث باتت مثالاً ونموذجاً وهي المركز المالي، واليوم وكأننا تخلفنا عن هذا الدور الذي أصبح مجرد شعارات براقة وخطب رنانة بلا نهضة ولا تطوّر، فيما المفترض على الأقل السير نحو تطور شبيه بنهضة جيراننا، ولم نصل اليوم إلى شيء، وكأننا نسير بمشاريع عكسية، لم تحقق إلا زيادة في الفقر والتخلف في رجعة بخطوات إلى الوراء حتى أصبحنا في فقراً مدقعاً.

إن السقوط في هاوية الفقر نتاج انحسار الدور التنموي للأسرة البحرينية التي هي عماد عامل وداعم أساسي في النهضة التنموية، وكيف لا يوجد في الأسرة الواحدة عدد من العمال يعملون في الشركات والمؤسسات، والتي أصبحت للأسف قوى عاملة تحل مكانها قوى عاملة أجنبية تذهب مكاسبها للخارج.

إن هذا التغيير انعكس على التطور الاقتصادي نحو تردٍ ملفت، حيث تزايدت الانعكاسات السلبية على كل الأصعدة، ودخلنا ضمن 118 مليون شخص في العالم العربي تحت خط الفقر، رغم تنامي الإيرادات الناتجة عن الضرائب في وقت امتلأت الصحف بالتصريحات عن النية (الجادة) في خفض نسبة الفقر، ولم ير الفقراء إلا ازدياداً في الفقر، حتى أصبحت بعض الأسر مضطرة لإخراج أطفالها من رياض الحضانة والتقليل من الالتزامات الأسرية، فقد تعيش المرأة في كل عام بوضع مؤسف مزرٍ وبحسرة لتدني احتياجاتها القسرية في عيدها بأكثر قسوة من العام السابق، حيث ارتفاع الاحتياجات 100% تقريباً، هذا على المستوى الاقتصادي، أما المستوى التعليمي، نجد التدني في التعليم في المدارس الحكومية وحتى في المدارس الخاصة لأنه مرتبط بالرعاية الاقتصادية التي انعكست حتى على الطبقة الوسطى التي اضطرت إلى لجوء بعض العوائل إلى سحب أبنائها من المدارس الخاصة وانتظامها في المدارس الحكومية.

من هنا يتحتم على الجهات المعنية تطوير البنى السياسية والاقتصادية، وذلك لحل مشكلة الفقر وكيفية القضاء عليه عاجلاً، وأن تطرح مقترحات وبرامج للتدريب على إدارة تطوير الأسرة والطفل في مراحل ما قبل دخول الطفل إلى المدرسة، لكن القول شيء والحالة الاجتماعية والاقتصادية في تردي، فأي تدريب في ظروف أسرة تعيش فقراً مدقعاً، والحالة الاقتصادية أصبحت في تردي، لا تفكر في شيء غير الحل الاقتصادي.

إن مجتمعنا يعيش اليوم ظرفاً صعباً، فالبعض يعيش على أي عمل يحظى به حتى لو لم ينسجم مع قدراته الجسمانية او قدراته العلمية التي تلقاها فترة الدراسة، والبعض أوجد لنفسه منصة عمل خاص به بحثاً عن عائد منها لتسيير معيشة أسرته حتى لو تدر عليه القليل من المال، حيث أصبح مجتمعنا (حارة كل مين إيدو إلو) (Help Yourself)، حيث تحدي المصاعب والمصائب، والدخل حسب الوقت، أي كلما أكثر الوقت استطاع أن يكسب لتوفير متطلبات الأسرة لكن على حساب راحته والالتقاء بأسرته وتربية أولاده والعناية بهم، حيرة (بين المطرقة والسندان)، متسائلاً إلى أين وصل قانون دعم وحماية أصحاب الحرف والمهن الحرة.

لا نريد لشبابنا أن يلقوا نفس المصير الذي عانى منه آباؤهم، فكم من الأسر يتعرض أبناؤها للتشرد والإحباط واليأس والسقوط في برثن المخدرات، حيث لا يحصلون على عمل بعد تخرجهم، وتتحطم آمالهم وأمانيهم، لأنهم بنوا آمالاً في انقاذ أسرهم من محنة الفقر، فتضعف ارادتهم فور شعورهم بحصار قاسٍ وانسداد سبل العيشة في وجوههم، والطريق المبهم، فإلى متى سيبقى هذا الرفض للانتباه للوضع المعاش المزري على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية؟

لقد انعكس هذا التجاهل المتعمد على تردي أسر بكل افرادها في جوانب المأكل والملبس والعمل، حيث تسبب في الأمراض، فمن يعاني من مرض خطير يبقى بمرضه لا يعالج، حيث يتطور سلباُ شيئاً فشيئاً حتى يصبح معاقاً، فمن يتعرض لحالة مرضية مثل فشل الكلى او جلطة في الدماغ أو القلب يبقى يعاني وقد تودي بحياته بسبب الإهمال، فاليوم أصبحت معاناة الشعب ليست مجرد بطالة أو تسريح من عمل أو ضرائب أو غلاء فحسب، بل إنه مستهدف صحياً أيضاً.