حول رؤية 2050

0
304

أعلنت الحكومة مؤخراً عن إطلاق رؤية اقتصادية جديدة، رؤية 2050، ودعت مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية والقطاع الخاص لتقديم رؤاهم من أجل صياغة الرؤية، وكوننا لا نزال في حدود الإعلان الأولي عن هذه الرؤية من الصعب إعطاء تقييم لبنودها ومحتواها والتوجهات الاقتصادية – الاجتماعية التي تحكمها، ومن أجل تحقيق ما دعت إليه الحكومة من اشراك مؤسسات المجتمع المدني في صوغ هذه الرؤية، فإن الدولة مطالبة بإظهار أكبر قدر من الشفافية حول الغاية من هذه الرؤية، وما هي المنطلقات التي ستُبنى عليها، حتى لا تبقى الدعوة للمشاركة المنشودة من المجتمع مجرد أمر شكلي.

هناك أسئلة كثيرة مثارة مجتمعياً، ومن قبل الجمعيات السياسية والمجتمع المدني والمختصين في البلاد، لا تتصل بالرؤية القادمة وحدها، وإنما أيضاً بالرؤية السابقة لها، أي رؤية 2030، والتي تبقى ستة أعوام حتى على بلوغ نهاية مدتها دون أن نقرأ تشخيصاً وافياً ومقنعاً لمسارها، وما الذي تحقق منها، وما الذي تعذّر تحقيقه، مع توضيح المعوّقات والأسباب الحقيقية التي أدت إلى ذلك التعذر.

ندرك، بطبيعة الحال، أن الوضع الاقتصادي في البحرين لا يمكن النظر إليه منفصلاً عن الوضع الاقتصادي في منطقتنا الخليجية، وعلى المستويين الإقليمي والدولي، اللذين شهدا وما زالا يشهدان الكثير من الأزمات والنزاعات والحروب، التي ترتبت وتترتب عليها تبعات اقتصادية ثقيلة على الجميع، وتنعكس بطبيعة الحال على اقتصادنا، دون أن نغفل أيضأ تبعات جائحة كوفيد – 19 على وضعنا الاقتصادي، وهذه أمور يتعين تفهمها، وتشخيصها بعناية ونحن نتحدث عن مآلات رؤية 2030.

لكن للأمر جوانب أخرى مهمة من الضروري عدم إغفالها حول ما كشفت عنه التجربة من ثغرات ونقاط ضعف في الرؤية نفسها، بما فيها السؤال، الأكثر جوهرية، عن آليات تنفيذ الأهداف التي نصّت عليها والتي لقيت في حينه دعماً مجتمعياً وسياسياً واسعاً كالتغلب على البطالة وتوسيع نطاق بحرنة الوظائف وتحسين الوضع المعيشي للمواطنين، وتأمين حقوقهم في السكن والعمل والتعليم والصحة، وهي حقول حيوية لا تدل كل المؤشرات على تحقيق الأهداف المذكورة المتصلة بها، فسنوات انتظار الوحدات السكنية ما زالت تطول وتطول، نسب البطالة ترتفع ولا تنخفض، حجم العمالة الأجنبية يزداد، بدوره، بشكل غير مسبوق في تاريخ البحرين، فيما الخدمات الطبية والتعليمية تعاني من صعوبات جديدة وجديّة.

في غياب الاعتراف الصريح من قبل الدولة بكل هذه الأمور يثار السؤال عن جدوى رؤية جديدة لا ترمي إلى معالجتها.