ستبقى فلسطين وإن طال ليلنا العربي!

0
31

مرة تلو الأخرى تثبت دولة الكيان انها لا تأبه لقانون أو شرعة دولية، فهي لا تهتم بقرارات أكثر من 150 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة صوتت لصالح وقف مجازر دولة الاحتلال في قطاع غزّة وبقية الاراضي الفلسطينية،  وتجد حكومة الكيان أنها في منأى عن اي مساءلة دولية على جرائمها المتعاقبة والموثقة بالصوت والصورة، على الرغم من القرارات الاحترازية الصادرة عن محكمة العدل الدولية، ومرات عديدة تثبت الولايات المتحدة الاميركية أنها مستمرة في دعم دولة الكيان المصطنعة رغما عن مناشدات بقيّة دول العالم الحر، فلم تعد هي الأخرى تأبه للفظائع الإنسانية المروعة في غزّة، أو حتى للمسيّرات المليونية الحاشدة والتي وصلت حتى إلى داخل أروقة وقاعات الكونجرس الاميركي وأمام مقار كبار مسؤوليها، اعتراضا على همجية الاحتلال غير المسبوقة وكثافة التسليح الاميركي والدعم اللامحدود للكيان المحتل.

 ليس مهما لدى رعاة الحروب والأزمات أن تتوالد الحروب وتتوسع في فلسطين واليمن والعراق والبحر الاحمر وباب المندب وما تواجهه حركة الملاحة الدولية من عقبات ومصاعب، وما تتسبب فيه من اختلالات في سلاسل الإمداد وارتفاع اسعار السلع عالمياً، علاوة على ما يشهده المشهد الدولي من حالة احتقان مستمرة وتعقيد وتشابك في المشهد الدولي وبصورة غير مسبوقة، وهو أمر بات يقود العالم بأسره نحو المجهول. 

 وبسبب حجم المأساة الدائرة في غزّة ربما تناسى العالم ولو قليلا دموية الصراع الدائر في اوكرانيا والذي بكل وضوح تقف وراءه  مصالح ومجمعات الحروب والدمار في الولايات المتحدة الاميركية وتوابعها من دول حلف الناتو، وذلك بغرض استمرار حالة الصراع والاستنزاف لروسيا،  في محاولات تبدو يائسة من قبل الأمريكان والغرب الاستعماري لوقف التحولات المتسارعة الدائرة في العالم وما أحدثته من تحوّلات جيوسياسية على صعيد إعادة صياغة التحالفات الجديدة وإعادة العالم إلى حالة مرتقبة من التعددية القطبية أملا في استتباب  السلم الدولي، وتخفيف حدة الصراعات وتوالدها حول العالم نتيجة الانفراد الاميركي الغربي بالقرار والهيمنة غير العادلة على مجلس الأمن والقرار الدولي بأسره منذ العام 1991 مع نهاية الاتحاد السوفيتي، لذلك تستمر  التحضيرات على قدم وساق في بحر الصين تحت مبررات حماية تايوان،  ومن أجل أن تستمر آلة الحرب في دورانها على حساب مصالح شعوب ودول العالم.

 وفي خضم كل ذلك يتناسى الغرب الذي طالما شنّف آذاننا بحمايته لحقوق الانسان، مجازر غزّة والدمار والتجويع المتعمد وسياسات التهجير المفروضة قسرا على الفلسطينيين، والتدخل في دول الجوار ومحاولة فرض سياسة الامر الواقع على دول المنطقة كما يحدث الآن في رفح ومن تهديد للأمن المصري، مع تعمد الاستمرار في رفض كل المبادرات الهادفة لوقف دائم للحرب ومعالجة سريعة للحالة الإنسانية.  كل ذلك يحدث لصالح مطامع استعمارية ومخططات شريرة تقودها الإمبريالية العالمية، ولصالح حسابات سياسية وانتخابية واضحة دون أدنى مراعاة لأبسط مبادئ حقوق الإنسان وما يسمى بأخلاقيات الحروب!

 وسط كل هذا فإن العالم العربي، وهو المعني أصلا بما يجري في غزّة، يقف صامتاً مكتوف الأيدي إلا من مبادرات واعتراضات شعبية تحاول جاهدة أن تعبر عن مدى ما وصلت إليه الحالة العربية من انحطاط وتخاذل ممض.

 وعلى الرغم من كل ما يجري تبقى فلسطين وقضيتها العادلة، رغما عما نشهده من نفاق مفضوح وتخاذل يندى له الجبين، بوصلة المستقبل نحو الحرية والانعتاق من حالة القهر والاستلاب مهما طال ليلنا العربي.