وطن يسع الجميع

0
16

لا نعرف لماذا كل هذا الإصرار على عدم اشتراك الأطراف الوطنية التي لها المام ومدارك واسعة في عملية صنع القرار، وفي المقابل تعطى الثقة لمن ليس لديهم المقدرة والأهلية لهذه المهمة، ومن المؤكد لن يكتب النجاح لعملية صنع القرار إلا إذا كان الاعتماد على أبناء هذا الوطن.

ومن الضرورة أن يسهم الجميع في اتخاذ القرارات، وبالطبع ستبنى على قدر كافٍ من الجدية في تبادل وجهات النظر ما ينتج عنه أراء صحيحة، بحكم أنها ستصبح من مسؤولية الجميع في صياغة رؤى تخدم الوطن والمواطن، في سبيل انماء وتقدّم المشاريع الهادفة إلى بناء صحيح، قائم على مصالح الجميع يداً بيد لوضع قراءة جديدة تتناسب مع المعطيات المستجدة الراهنة محلياً ودولياً، ولاتزال هناك أرضية خصبة لتعاون الجميع دون القفز على أحد، حيث الأولوية  للمصالح الوطنية العامة، دون اقصاء أحد، حيث لنا وطن يسع الجميع، خدمة للمصالح الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وحفاظاً على الاستقرار والبناء ونماء الوطن الغالي على الجميع.

اليوم الكل يدرك أن الأوضاع في انحدار وتردٍ مستمر على جميع الأصعدة، الصحة والتعليم والعمالة، والمهنية والصحافة والبيئة والثقافة، والخوف حتى من الامية، ونعيش في مجتمع يسوء يوم بعد يوم، نتيجة عدم التفات الجهات المعنية إلى ذلك، وسوء الإدارة والفساد والنظر بجدية لسلبية الضريبة المضافة وغياب الرقابة الفعلية.

وبتعثر الاهتمام وغياب اللامبالاة دخل الوضع منعطفاً جديداً مقلقاً، حيث تصدى الأجانب الذين دخلوا البلاد بحثاً عن عمل ووقعوا في براثن البطالة، الأمر الذي جعلهم يرتكبون جرائم نهب سافر وباستخدام العنف بالسلاح الأبيض، وهو ما تعرض له أحد أصحاب سيارات الأجرة، حيث تمّ ضربه وسرقة محفظته من قبل عصابة من الأفارقة، مما زرع الخوف في نفوس أصحاب سيارات الاجرة من نقل الركاب الاجانب، وقد يكون بعضهم ممن دخلوا البلاد أصحاب سوابق  إجرائم في بلدانهم، وهذه مصيبة.

اليوم أصبح الشارع مأزوماً وخطيراً، في وقت نسعى فيه العمل على حلحلة المصاعب عن طريق المسار الديموقراطي، بعد أن انتهت الانتخابات البرلمانية والبلدية، وإن لم ينتبه المعنيون لهذه الازمات فإننا حتما سنسير نحو الهاوية، لأن البرلمان سينشغل بهذه الجرائم ويصبح بعيداً عن إيجاد حلول للملفات العالقة، ومن هنا نقول المسؤولية ستقع على الجميع، حكومة وجمعيات المجتمع المدني.

إن ما نعيشه من أوضاع ليس منفصلاً عن  الأوضاع التي يمر بها العالم، فهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً، والالتفات لهذه الأمور عامل مشجع نحو الجدية وتحدي المصاعب، لذا علينا أن نسعى إلى أن تصل الأصوات المنادية بوضع حدٍ لما يمر به وطننا وشعبنا من آلام وفقر وتذمر، ومن المؤكد أن غياب الاستماع إلى رجاحة العقل والتأني في مجريات الأوضاع يعزز ويعمق المزيد من الانغماس في تخلف الحلول.

إن شعبنا اليوم يرزح تحت خط الفقر، وهو بحاجة إلى تربية وتعليم أبناءه، يريد عملاً ومسكناً وصحة وبيئة حاضنة وآمنة، ويريد أن يكون الجميع مدافعين متعاضدين لا متخاصمين متناحرين نحن أبناء الوطن الواحد، من يسمع صوت هؤلاء المعوزين ولايكترث لندائهم لإيجاد مخرج، فليتحمل المسؤولية أمام الشعب، لا الاكتفاء بالنقد والتبرم والنظرة الضيقة السطحية، فهي ليست  طريقاً للحلول ولم تجد نفعاً، وبالتالي سيحاسب التاريخ والأجيال القادمة هؤلاء، والمطلوب هو أن ننظر إلى الابعاد الاستراتيجية تسهيلاً لمسيرة البناء والتنمية لأجيالنا.