خرج مئات الآلاف في عموم مدن فرنسا احتجاجاً وتظاهراً ضد مشروع القانون الذي تقدمت به الحكومة لتعديل نظام التقاعد ومن أهم بنوده رفع سن الإحالة على المعاش إلى 64 عاما. وقدّر الاتحاد النقابي “الكونفدرالية العامة للعمل” عدد المشاركين بأكثر من 2,5 مليون شخص، بينهم 500 ألف في العاصمة.
لافتات وشعارات عديدة رفعت في هذه الاحتجاجات، من بينها لافتة كبرى خلال تظاهرة باريسية “لن نموت في العمل”، في شعار يبدو أنه يعكس ذهنية المتظاهرين الرافضين التدبير الجوهري في مشروع ماكرون تعديل نظام التقاعد والذي ينص على تأخير سن التقاعد من 62 إلى 64 عاما.
ومنذ بداية الاحتجاج على هذا التعديل للرئيس ماكرون الذي تجري مناقشته حاليا في الجمعية الوطنية في أجواء من التوتر، تحدثت النقابات عن تعبئة واسعة لتحريك الجماهير في الساحات والميادين لتعطيل تنفيذ قانون التقاعد الجديد.
في البحرين نجحت الحكومة بسهولة في تمرير مشروع نظام التقاعد الجديد، وذلك عبر موافقة الأغلبية العظمى من أعضاء مجلسي النواب والشورى. ولم تفلح اعتراضات عامة البحرينيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، التي لم تلقى أي اهتمام من قبل المسؤولين.
المفارقة أن فرنسا واحدة من الدول الأوروبية التي تعتمد أدنى سن قانوني للتقاعد، وتسعى إلى رفعه سنتين إضافيتين، الأمر الذي أغضب عامة الفرنسيين ودفعهم للانتفاضة ضده. بينما في البحرين تم رفع سن التقاعد خمس سنوات دفعةً واحدة، من عمر الستين إلى الخامسة والستين.
لم تكتف الحكومة – وبمباركة مجلسي النواب والشورى – برفع سن التقاعد، بل أصدرت قرارين مجحفين بحق البحرينيين، الأول زيادة استقطاعات اشتراك المتقاعدين 1%، والثاني إيقاف الزيادة السنوية للمتقاعدين والتي تبلغ 3%، مقابل الغلاء الفاحش، ورفع نسبة الضريبة من 5% إلى 10% على أغلب المواد والسلع.
سن التقاعد للموظفين في القطاع الحكومي لدول الخليج العربي هو 60 سنة للرجال و55 سنة للنساء، ومع النظام الجديد للتقاعد في البحرين، أصبح السن التقاعدي للرجل 65 وللمرأة 60 سنة. ليس من السهل العمل لهذا السن المتقدم، خصوصا وأن الكثير من المهن والوظائف تحتاج إلى جهد ذهني أو بدني عالي.
الغريب في ملف نظام التقاعد في البحرين، أن المعنيين طرحوا قبل سنوات قليلة التقاعد الاختياري المبكر، وقد أقبل عليه الآلاف من البحرينيين والبحرينيات، لوجود مزايا كبيرة ما كان يحلم بها أكثر المتفائلين. وعندما وجه السؤال للمعنين، لماذا فتحتم أمام المواطنين باب التقاعد الاختياري المبكر قبل أربع سنوات، بينما تصرون على رفع سن التقاعد حاضراً إلى 65 سنة؟ يُجيب هؤلاء، بأنها كانت حالة استثنائية، والتركيز الآن على تشجيع العاملين والعاملات على البقاء لأطول مدة ممكنة في العمل.
وللدقة هي حالة إجبار غير مباشرة للموظف/العامل بعدم الخروج للتقاعد إلا في سن 65 سنة للحصول على نسبة من الراتب، قد لا تتخطى 70% بعد خدمة عمل تتجاوز الثلاثين إلى الأربعين عاما. بينما أعضاء مجلسي النواب والشورى يحصلون على نسبة 80% من الراتب بعد خدمة عمل لا تتجاوز الثمان سنوات.