صوت الحق يعلو

0
103

صحيح أن محكمة العدل الدولية لم تدعُ إلى وقف فوري للعدوان الصهيوني على غزّة، وما زالت تهمة الإبادة الجماعية لأهالي القطاع قيد النظر من المحكمة، ولكن ما تحقق في جلسة المحكمة في السادس والعشرين من يناير الماضي، إنجاز قانوني كبير لجنوب إفريقيا،  رافعة القضية ضد إسرائيل أمام المحكمة، وقبل ذلك وبعده للقضية العادلة للشعب الفلسطيني. ونظرة إلى ما خلصت إليه المحكمة من قرارات سنجد أن كل قرار منها، يحمل إدانة ضمنية للكيان الصهيوني، ويُحمّله المسؤولية عما جرى ويجري في غزّة، وفي كل فلسطين، من جرائم.

فقد فرضت المحكمة على إسرائيل بأن تتخذ الإجراءات لمنع جميع الأفعال بما فيها القتل والتسبب بالضرر البدني وبالظروف التي تؤثر على الحياة والدمار المادي، اتخاذ التدابير اللازمة لتقديم الخدمات والمساعدات الإنسانية فورا وتحسين الظروف الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون في غزّة، اتخاذ إجراءات فورية للتأكد من منع تدمير الأدلة حول مزاعم ارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في القطاع، تقديم تقرير للمحكمة حول كل التدابير المتخذة خلال شهر واحد من تاريخ إصدار القرار، معاقبة التحريض المباشر لارتكاب جرائم الإبادة الجماعية.

ولا يقل أهمية عن ذلك رفض المحكمة لمطالبة ممثلي الكيان أمام المحاكمة برفض دعوى جنوب إفريقيا، حيث أكدت المحكمة وجاهة الدعوى، وتوّفر الأدلة على جديّة ما تضمنته من حقائق ومعطيات، واستناد المحكمة إلى التصريحات الوقحة التي تنضح عدوانيةً وكراهيةً للفلسطينيين، بما في ذلك وصف وزير الدفاع الصهيوني لهم بـ “الحيوانات البشرية”. وشكّل قبول المحكمة للدعوى وتأكيدها أن النظر فيها واتخاذ الإجراءات المؤقتة للحدّ من ممارسات العدوان في غزّة من صلب اختصاصها، صفعةً قوية للكيان الصهيوني وسادته في الغرب.

وما له دلالة قانونية ورمزية كبيرة هو أن قرارت المحكمة اتخذت بأغلبية ساحقة من القضاة الذين نظروا القضية، باستناء اثنين منهم، أحدهما قاضي معيّن من الكيان، ومعبر عن مصالحه ومدافع عن جرائمه، بصورة لا تليق بقاضي مطالب بالاحتكام للضمير لا للعصبية السياسية والعنصرية، وهذه الأغلبية الساحقة من أصوات القضاة تضع الكيان في قفص الإتهام أمام الرأي العام العالمي وأمام المجتمع الدولي، وتحرج داعميه ومناصريه في الغرب ممن يُغطون على عدوانه، ويقدّمون له كل وسائل الدعم العسكرية واللوجستية، ليستمر فيه.

ألزمت القرارات دولة العدو بتقديم تقرير حول ما اتخذته من تدابير لتنفيذ ما طالبت به المحكمة، ويفرض هذا مسؤولية كبيرة على المجتمع الدولي، حكومات ومؤسسات، بممارسة كل ما يلزم من أوجه رقابة وضغط على الكيان للامتثال لإرادة المحكمة، انتصاراً للعدالة والحق والضمير الإنساني.