تربطني بصديقي غسان معرفة قديمة، وجمعتني معه أولى المراحل الدراسية منذ بدايات التسعينات في مدرسة البديع الابتدائية للبنين. تزاملنا في مختلف المراحل الدراسية حتى المرحلة الجامعية حيث أختار لنفسه دراسة تخصص الهندسة. استمرت المعرفة ولكن كما هي سنة الحياة وعجلتها المتسارعة لم يكن تواصلنا على ذات الوتيرة، فانعكس ذلك على ندرة التواصل على عكس ما أتمنى.
وضعت الحياة المهنية صديقي غسان في مواقع عمل متسقة مع شهادته الاكاديمية، مما يتطلب تواجده في مناطق نائية غير ذات حياة أحياناً، وغالباً ما كانت تلك المناطق عارية تحت أشعة الشمس الحارقة. تذكرته تحديداً خلال هذه الأيام التي تشهد تطبيق قرار حظر العمل تحت أشعة الشمس المباشرة وفي الأماكن المكشوفة خلال فترة الظهيرة من الساعة الثانية عشر ظهراً وحتى الساعة الرابعة عصراً في شهري يوليو وأغسطس.
دأب صديقي غسان على التنويه والتنبيه مراراً وتكراراً في ذات الفترة من كل عام بأن القرار يحتاج لمراجعة من أجل أن يحقق الغايات التي وضع من أجلها، وليس كافياً الاعتماد على أربع ساعات فقط لمنع العمل، حيث ان شمسنا كما هو معلوم تشرق شديدة القوة خلال هذه الفترة بل وإن أثرها الحارق يطال فترة أطول من شهري يوليو وأغسطس، فلا الشمس وحرارته تكون ناعمة خلال يونيو ولا هي تخبو وتبرد خلال شهر سبتمبر.
إذاً، كيف يمكن تطبيق القرار حفظاً لأرواح عمال شركات المقاولات ومؤسسات البناء الذين هم الشريحة الأكبر الذين يواجهون مخاطر العمل تحت أشعة الشمس؟
يجيب صديقي غسان على ذلك بأنه يجب الاعتماد في قرار حظر العمل على درجات الحرارة المحسوسة، وليست تلك المسجلة في جهات رصد الطقس، حيث تعتمد تلك الجهات، وهي آلية معيارية معتمدة دولياً، إلى حساب درجات الحرارة في الظل، وواقعاً لا وجود لتلك الحرارة المسجلة تحت أشعة الشمس خلال العمل في الأماكن المكشوفة عديمة الظل، حيث تتخطى غالباً الدرجات المسجلة والمعلنة.
ويذهب صديقي غسان إلى أبعد من ذلك، حيث قرر بأن أحد مخارج الحل، هو إيجاد فريق معني يقوم بحساب وتسجيل الحرارة بشكل مستمر وإرسال القراءات للمقاولين والشركات التي تعرف بأن كل درجة حرارة لها احترازات محددة مسبقاً، طوال أيام السنة وليس فقط خلال شهري يوليو وأغسطس. فهل تجد حلول صديقي غسان آذاناً صاغية؟