تُعدّ قضية الأجور من أبرز التحديات التي تواجه سوق العمل في البحرين، خصوصًا في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وتزايد الفجوة بين الرواتب ومتطلبات الحياة الكريمة. في هذا السياق، برزت عدة محاولات على مدار العقود الماضية لمعالجة هذه المشكلة، من بينها عقد مؤتمر الأجور عام 2008، وآخرها التحركات النيابية باقتراح قانون لإنشاء مجلس أعلى للأجور وهذا كان في يونيو 2023.
إنشاء مجلس أعلى للأجور يمثل خطوة ضرورية لضمان التوازن بين مستويات الرواتب والتضخم الاقتصادي، فمن خلال إجراء دراسات دورية، سيكون بالإمكان تقييم مدى كفاية الأجور مقارنة بمتطلبات المعيشة، واقتراح سياسات تعزز العدالة الاجتماعية، كما أن وجود كيان مؤسسي يعنى بالأجور، بمشاركة الأطراف الثلاثة (الحكومة، أصحاب العمل، والنقابات العمالية)، سيساهم في تحقيق استقرار سوق العمل ورفع الإنتاجية من خلال تحفيز العاملين عبر تحسين مستويات دخلهم.
إضافة إلى ذلك، فإن المجلس يمكن أن يكون منصّة لإطلاق مبادرات داعمة، مثل تعزيز الأجور العادلة، ووضع حد أدنى للرواتب يتناسب مع متطلبات الحياة، والعمل على تقليل الفجوة بين القطاعين العام والخاص، كما يمكن أن يلعب دورًا رئيسيًا في دعم البحرنة عبر تقديم حوافز لأصحاب الأعمال الذين يلتزمون برواتب تتناسب مع متطلبات السوق المحلية.
وأثبتت التجارب الدولية أن رفع الأجور بشكل مدروس ينعكس إيجابيًا على الاقتصاد من خلال تعزيز القدرة الشرائية، وبالتالي دعم النمو الاقتصادي بشكل عام.
إنشاء مجلس أعلى للأجور ضرورة لتحقيق العدالة الاجتماعية والاستقرار الاقتصادي، وهو ما يتطلب تضافر الجهود بين مختلف الأطراف المعنية لضمان نجاحه وتحقيق أهدافه في تحسين مستوى المعيشة للمواطنين. وفي ظل التحديات المتزايدة التي تواجه العمال البحرينيين، فإن وجود هيئة متخصصة لمراقبة مستويات الرواتب وإطلاق سياسات تحفيزية للعاملين وأصحاب العمل سيكون خطوة محورية نحو تحقيق الاستقرار للعمالة الوطنية.