للحزن ألف وجه ووجه، وللألم ألف باب وباب، وللوجع ألف موضع وموضع، وللغطرسة والظلم والجبروت والتعدي وجه واحد يتمثل فيما تفعله إسرائيل الآن على أرض فلسطين، خصوصاً في غزة، حيث يجتمع الحزب والألم والوجع والقهر في مكان واحد.
العالم المتحضر الديمقراطي الداعي للعدل والعدالة لا يرى اليوم إلا بعين واحدة فقدت البصر والبصيرة، يدافع عن حقوق المنحرفين، إلا أنه يعجز عن الدفاع عن المظلومين، فتجتمع ملته مُدينةً المظلوم مدافعة عن الظالم المغتصب، لأنه صنعتها وابن خيانته، ضارباً بكل ما يدعي من مقولات الديمقراطية والعدل والعدالة خانعاً أمام جبروت الصهيونية العالمية ونفوذها.
ما يحدث اليوم من قتل ودمار وترويع وتجويع، كيف لنا أن نصفه أو نتحدث عنه، كيف لنا أن نفسره خصوصاً في ظل الصمت أو التخاذل أو التأييد المبطن وغير المبطن، كيف لنا والأقلام مكسورة، والإعلام مستضعف مهزوم يخاف حتى أن يتنفس.
أتساءل وأنا أشاهد ما يعرض على شاشات التلفزيون والقنوات الفضائية، ومواقع التواصل الاجتماعي، عن أسرٍ أستشهد جلها ولم يبقى إلا رضيع شوهه القصف، أو أسرة فقدت معظم أبنائها وبناتها، عمن تيتمت أو تيتم، أو من ترملت أو ترمل، عما يجتاح قلوبهم وصدورهم الآن، وماذا يمكننا أن نقول لمن سيبقى على قيد الحياة شاهداً على كل هذا الذي يحدث، كيف سنكتب هذا التاريخ في سجل أحداثنا، بماذا وكيف ستنطق الحروف، هل ستكتب بدماء من استشهدوا، أم بتلفيق من اغتصب واعتدى، أم بلسان الصمت.
لم نشهد خذلانا كهذا الخذلان كالذي تعيشه فلسطين الآن، خذلان الصمت وخذلان الحق وخذلان الكلمة وخذلان الموقف.
هل يكفي أن نقول كفى، هل يكفي أن نندد، هل يكفي أن نصرخ أو نبكي، هل يكفي نرفع أيدينا بالدعاء ونحن على أكثر من ذلك أقدر.
إنها أيام قبيحة من أقبح أيام التاريخ البشري، وصورة من أبشع صور التخاذل العالمي، وصورة من أضعف صور الوضع العربي والإسلامي.
فلسطين أرض الميعاد، أرض أولى القبلتين، أرض المعراج، أرض الأنبياء، أرضنا، كل شبر فيها ينطق بعروبتها، وسيبقى اسمها فلسطين، وسيتحقق وعد الله فيها بالنصر والتحري عاجلا أو آجلاً، فهو وعدٌ رباني لا يأتيه الباطل أبداً.
كانت فلسطين وستبقى فلسطين.